الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ -
الصوتيات

الدرس الثاني عشر: من تفسير سورة الإسراء من تفسير ابن كثير

06-07-2017 | عدد المشاهدات 1887 | عدد التنزيلات 715

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

تفسير سورة الإسراء

 

 

الدرس الثاني عشر: من تفسير سورة الإسراء من تفسير ابن كثير

 

 

 

سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)

 

رواية عبد الرحمن بن قرط، أخي عبد الله بن قرط الثمالي:

 

قال سعيد بن منصور: حدثنا مسكين بن ميمون -مؤذن مسجد الرملة-حدثني عروة بن رويم، عن عبد الرحمن بن قرط، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى كان بين زمزم والمقام، جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، فطارا به حتى بلغ السموات العلى، فلما رجع قال: "سمعت تسبيحا في السموات العلى مع تسبيح كثير، سبحت السموات العلى من ذي المهابة مشفقات من ذي العلو بما علا سبحان العلي الأعلى، سبحانه وتعالى".

ويذكر هذا الحديث عند قوله تعالى من هذه السورة: {تسبح له السماوات السبع} الآية.

 

رواية عمر بن الخطاب، رضي الله عنه:

 

قال الإمام أحمد: حدثنا أسود بن عامر، حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي سنان، عن عبيد بن آدم وأبي مريم وأبي شعيب؛ أن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، كان بالجابية، فذكر فتح بيت المقدس قال: قال أبو سلمة: فحدثني أبو سنان، عن عبيد بن آدم قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول لكعب: أين ترى أن أصلي؟ قال إن أخذت عني صليت خلف الصخرة، فكانت القدس كلها بين يديك، فقال عمر رضي الله عنه: ضاهيت اليهودية، لا ولكن أصلي حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم إلى القبلة، فصلى ثم جاء فبسط رداءه وكنس الكناسة في ردائه، وكنس الناس .

فلم يعظم الصخرة تعظيما يصلي وراءها وهي بين يديه، كما أشار كعب الأحبار وهو من قوم يعظمونها حتى جعلوها قبلتهم. ولكن من الله عليه بالإسلام، فهدي إلى الحق؛ ولهذا لما أشار بذلك قال له أمير المؤمنين: ضاهيت اليهودية، ولا أهانها إهانة النصارى الذين كانوا قد جعلوها مزبلة من أجل أنها قبلة اليهود، ولكن أماط الأذى، وكنس عنها الكناس بردائه. وهذا شبيه بما جاء في صحيح مسلم عن أبي مرثد الغنوي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها" .

 

رواية أبي هريرة، رضي الله عنه:

وهي مطولة جدا وفيها غرابة.

 قال الإمام أبو جعفر بن جرير في تفسير "سورة سبحان": حدثنا علي بن سهل، حدثنا حجاج، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية الرياحي، عن أبي هريرة أو غيره -شك أبو جعفر-في قول الله عز وجل: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير} قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ميكائيل، فقال جبريل لميكائيل: ائتني بطست من ماء زمزم، كيما أطهر قلبه وأشرح له صدره. قال: فشق عنه بطنه، فغسله ثلاث مرات. واختلف إليه ميكائيل بثلاث طساس من ماء زمزم، فشرح صدره ونزع ما كان فيه من غل، وملأه حلما وعلما، وإيمانا ويقينا وإسلاما، وختم بين كتفيه بخاتم النبوة.

ثم أتاه بفرس فحمل عليه، كل خطوة منه منتهى بصره -أو: أقصى بصره-قال: فسار وسار معه جبريل عليهما السلام قال: فأتى على قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم، كلما حصدوا عاد كما كان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا جبريل، ما هذا؟ " قال: هؤلاء المجاهدون في سبيل الله، تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف، وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه، وهو خير الرازقين.

ثم أتى على قوم ترضخ رءوسهم بالصخر، كلما رضخت عادت كما كانت، ولا يفتر عنهم من ذلك شيء، فقال: "ما هؤلاء يا جبريل؟ " قال: هؤلاء الذين تتثاقل رءوسهم عن الصلاة المكتوبة. ثم أتى على قوم على أقبالهم رقاع، وعلى أدبارهم رقاع يسرحون كما تسرح الإبل والنعم، ويأكلون الضريع والزقوم ورضف جهنم وحجارتها، قال: " ما هؤلاء يا جبريل؟ " قال: هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم، وما ظلمهم الله شيئا وما الله بظلام للعبيد.

ثم أتى على قوم بين أيديهم لحم نضيج في قدر ولحم نيئ في قدر خبيث، فجعلوا يأكلون من النيئ الخبيث ويدعون النضيج الطيب، فقال: "ما هؤلاء يا جبريل؟ " فقال: هذا الرجل من أمتك، تكون عنده المرأة الحلال الطيبة، فيأتي امرأة خبيثة فيبيت عندها حتى يصبح، والمرأة تقوم من عند زوجها حلالا طيبا، فتأتي رجلا خبيثا فتبيت معه حتى تصبح.

قال: ثم أتى على خشبة على الطريق، لا يمر بها ثوب إلا شقته، ولا شيء إلا خرقته، قال: "ما هذا يا جبريل؟ " قال: هذا مثل أقوام من أمتك، يقعدون على الطريق يقطعونه ثم تلا {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله  } .

قال: ثم أتى على رجل قد جمع  حزمة حطب عظيمة لا يستطيع حملها، وهو يزيد عليها، فقال: "ما هذا يا جبريل؟ " فقال  هذا الرجل من أمتك يكون عليه أمانات الناس لا يقدر على أدائها وهو يريد أن يحمل عليها.

ثم أتى على قوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حديد كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شيء، قال: "ما هؤلاء يا جبريل؟ " قال: هؤلاء خطباء الفتنة.

ثم أتى على جحر صغير يخرج منه ثور عظيم، فجعل الثور يريد أن يرجع من حيث خرج، فلا يستطيع، فقال: "ما هذا يا جبريل؟ " فقال: هذا الرجل يتكلم بالكلمة العظيمة ثم يندم عليها فلا يستطيع أن يردها.

ثم أتى على واد فوجد ريحا طيبة باردة، وريح مسك، وسمع صوتا، فقال: "يا جبريل، ما هذه الريح الطيبة الباردة؟ وما هذا المسك؟ وما هذا الصوت؟ " قال: هذا صوت الجنة تقول: يا رب آتني ما وعدتني، فقد كثرت غرفي، وإستبرقي وحريري وسندسي، وعبقريي ولؤلؤي ومرجاني، وفضتي وذهبي وأكوابي وصحافي، وأباريقي ومراكبي، وعسلي ومائي، وخمري ولبني فآتني ما وعدتني. فقال: لك كل مسلم ومسلمة، ومؤمن ومؤمنة، ومن آمن بي وبرسلي وعمل صالحا ولم يشرك بي، ولم يتخذ من دوني أندادا، ومن خشيني فهو آمن، ومن سألني أعطيته، ومن أقرضني جزيته، ومن توكل علي كفيته، إني أنا الله لا إله إلا أنا، لا أخلف الميعاد، وقد أفلح المؤمنون، وتبارك الله أحسن الخالقين، قالت: قد رضيت.

قال: "ثم أتى على واد فسمع صوتا منكرا، ووجد ريحا منتنة، فقال: ما هذه الريح يا جبريل؟ وما هذا الصوت؟ " فقال: هذا صوت جهنم تقول: يا رب آتني ما وعدتني، فقد كثرت سلاسلي وأغلالي، وسعيري وحميمي، وضريعي، وغساقي وعذابي، وقد بعد قعري، واشتد حري، فآتني كل ما وعدتني، فقال: لك كل مشرك ومشركة، وكافر وكافرة، وكل خبيث وخبيثة، وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب. قالت: قد رضيت.

 

قال: ثم سار حتى أتى بيت المقدس، فنزل فربط فرسه إلى صخرة، ثم دخل فصلى مع الملائكة، فلما قضيت الصلاة قالوا: يا جبريل، من هذا معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم. قالوا: أوقد أرسل محمد؟ قال: نعم. قالوا: حياه الله من أخ ومن خليفة، فنعم الأخ ونعم الخليفة، ونعم المجيء جاء.