
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
الدرس الثاني: من كتاب عقيدة السلف أصحاب الحديث
وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن ووردت بها
الأخبار الصحاح، من السمع والبصر والعين والوجه والعلم والقوة والقدرة والعزة
والعظمة، والإرادة والمشيئة والقول والكلام، والرضا والسخط والحياة، والحب والبغض
والفرح والضحك وغيرها، من غير تشبيه لشيء من ذلك بصفات المربوبين المخلوقين، بل
ينتهون فيها إلى ما قاله الله تعالى وقاله رسوله ﷺ، من غير زيادة عليه ولا إضافة
إليه، ولا تكييف له ولا تشبيه، ولا تحريف ولا تبديل ولا تغيير، ولا إزالة للفظ
الخبر عما تعرفه العرب وتضعه عليه بتأويل منكر؛ ويجرونه على الظاهر، ويكلون علمه
إلى الله تعالى، ويقرون بأن تأويله لا يعلمه إلا الله، كما أخبر الله عن الراسخين
في العلم أنهم يقولونه في قوله تعالى: ﴿ وَالرَّاسِخُونَ فِي
الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ
إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ﴾ [آل
عمران:7] ، وآيات الكتاب وأخبار
الرسول ﷺ الصحيحة المنيرة الناطقة بهذه الصفات وغيرها كثيرة يطول الكتاب بإحصائها
وذكر اتفاق أئمة الملة وعلمائها على صحة تلك الأخبار الواردة بها، وأكثرها مخرج
بالأسانيد الصحيحة في كتاب الانتصار، وشرطنا في أول هذا الكتاب الاختصار والاقتصار
على أدنى المقدار، دون الإكثار برواية الأخبار وذكر أسانيدها الصحيحة عن نقلة
الآثار ومصنفي المسانيد الصحاح الكبار.
ويشهد أصحاب الحديث ويعتقدون أَنَّ القرآن كلام الله وكتابه
ووحيه وتنزيله، غير مخلوق، ومن قال بخلقه واعتقده فهو كافر عندهم، والقرآن الذي هو
كلام الله ووحيه هو الذي نزل به جبريل على الرسول ﷺ، ﴿قُرْآنًا
عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ [فصلت:4-5]، كما
قال عز وجل: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء:193-195]،
وهو الذي بلغه الرسول ﷺ أمته، كما أمر به في قوله تعالى: ﴿يَا
أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [المائدة:67] ، فكان
الذي بلغهم بأمر الله تعالى كلامه عز وجل، وفيه قال ﷺ: "أتمنعوني أن أبلغ كلام
ربي" وهو الذي تحفظه الصدور، وتتلوه الألسنة، ويكتب في المصاحف، كيف ما تصرف
بقراءة قارئ ولفظ لافظ وحفظ حافظ، وحيث تُلي وفي أي موضع قرئ، وكتب في مصاحف أهل
الإسلام وألواح صبيانهم وغيرها، كله كلام الله جل جلاله، غير مخلوق، فمن زعم أنه
مخلوق فهو كافر بالله العظيم.
يوم
السبت 14 ربيع الأول 1447 هجرية
مسجد إبراهيم _شحوح _ سيئون