2025/09/08
الدرس الرابع: من كتاب عقيدة السلف أصحاب الحديث




بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم

 

الدرس الرابع: من كتاب عقيدة السلف أصحاب الحديث

 

وحدثنا أبو الحسن بن إسحاق المدني: حدثنا أحمد بن الخضر أبو الحسن الشافعي: حدثنا شاذان: حدثنا ابن مخلد بن يزيد القهستاني: حدثنا جعفر بن ميمون قال: سئل مالك بن أنس عن قوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ كيف استوى؟ قال: " الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا ضالا " وأمر به أن يخرج من مجلسه.

أخبرنا أبو محمد المجلدي العدل: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن مسلم الإسفراييني: حدثنا أبو الحسين علي بن الحسن: حدثنا سلمة بن شبيب: حدثنا مهدي بن جعفر بن ميمون الرملي عن جعفر بن عبد الله قال: جاء رجل إلى مالك بن أنس يعني فسأله عن قوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ كيف استوى، قال: فما رأيته وجد من شيء كوجده من مقالته، وعلاه الرحضاء، وأطرق القوم، فجعلوا ينتظرون الأمر به فيه، ثم سري عن مالك فقال: " الكيف غير معلوم، والاستواء غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وإني لأخاف أن تكون ضالا " ثم أمر به فأخرج.

أخبرنا به جدي أبو حامد أحمد بن إسماعيل عن جد والدي الشهيد وأبو عبد الله محمد بن عدي بن حمدوية الصابوني: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي عون النسوي: حدثنا سلمة بن شبيب: حدثنا مهدي بن جعفر الرملي: حدثنا جعفر بن عبد الله قال: جاء رجل إلى مالك بن أنس فقال: يا أبا عبد الله ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ كيف استوى؟ قال: فما رأيت مالكا وجد من شيء كوجده من مقالته، وذكر بنحوه.

وسئل أبو علي الحسين بن الفضل البجلي عن الاستواء، وقيل له: كيف استوى على عرشه؟ فقال: "إنا لا نعرف من أنباء الغيب إلا مقدار ما كشف لنا، وقد أعلمنا جل ذكره أنه استوى على عرشه، ولم يخبرنا كيف استوى".

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ: أخبرنا أبو بكر محمد بن داود الزاهد: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي: حدثني عبد الله ابن أحمد بن شبويه المروزي: سمعت علي بن الحسين بن شقيق يقول: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: " نعرف ربنا فوق سبع سموات على العرش استوى بائنا منه خلقه، ولا نقول كما قالت الجهمية إنه هاهنا " وأشار إلى الأرض.

وسمعت الحاكم أبا عبد الله في كتاب التاريخ الذي جمعه لأهل نيسابور، وفي كتاب معرفة الحديث اللذين جمعهما ولم يسبق إلى مثلهما يقول: سمعت أبا جعفر محمد بن صالح بن هانئ يقول: سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول: من لم يقل بأن الله عز وجل على عرشه قد استوى فوق سبع سمواته، فهو كافر بربه حلال الدم، يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه وألقي على بعض المزابل حتى لا يتأذى المسلمون ولا المعاهدون بنتن رائحة جيفته، وكان ماله فيئا لا يرثه أحد من المسلمين، إذ المسلم لا يرث الكافر، كما قال النبي ﷺ: «لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم».

وإمامنا أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه احتج في كتابه المبسوط في مسألة إعتاق الرقبة المؤمنة في الكفارة، وأن غير المؤمنة لا يصح التكفير بها، بخبر معاوية بن الحكم، وأنه أراد أن يعتق الجارية السوداء لكفارة، وسأل رسول الله ﷺ عن إعتاقه إياها، فامتحنها رسول الله ﷺ، فقال ﷺ لها: «من أنا» فأشارت إليه وإلى السماء، تعني: أنك رسول الله الذي في السماء، فقال : «أعتقها فإنها مؤمنة»، فحكم رسول الله ﷺ بإسلامها وإيمانها لما أقرت بأن ربها في السماء، وعرفت ربها بصفة العلو والفوقية، وإنما احتج الشافعي رحمة الله عليه على المخالفين في قولهم بجواز إعتاق الرقبة الكافرة في الكفارة بهذا الخبر لاعتقاده أن الله سبحانه فوق خلقه وفوق سبع سماواته على عرشه، كما هو معتقد المسلمين من أهل السنة والجماعة سلفهم وخلفهم، إذ كان رحمه الله لا يروي خبرًا صحيحًا ثم لا يقول به.

وقد أخبرنا الحاكم أبو عبد الله رحمه الله قال: أنبأنا الإمام أبو الوليد حسان بن محمد الفقيه قال: حدثنا إبراهيم بن محمود قال: سمعت الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي رحمه الله يقول: " إذا رأيتموني أقول قولا وقد صح عن النبي ﷺ خلافه فاعلموا أن عقلي قد ذهب ".

قال الحاكم رحمه الله: سمعت أبا الوليد -غير مرة- يقول: حُدثت عن الزعفراني أن الشافعي رحمه الله روى يوما حديثا فقال السائل: يا أبا عبد الله، تقول به؟ قال: تراني في بيعة أو كنيسة؟ ترى علي زي الكفار؟ هو ذا تراني في مسجد المسلمين، عليّ زي المسلمين، مستقبلا قبلتهم؛ أروي حديثا عن النبي ﷺ ثم لا أقول به؟

والفرق بين أهل السنة وبين أهل البدع أنهم إذا سمعوا خبرًا في صفات الرب ردوه أصلًا ولم يقبلوه، أو يُسلموا للظاهر ثم تأولوه بتأويل يقصدون به رفع الخبر من أصله، وإبطال حيل عقولهم وآرائهم فيه، ويعلمون حقًا يقينًا أن ما قاله رسول الله ﷺ فعلى ما قاله، إذ هو كان أعرف بالرب جل جلاله من غيره، ولم يقل فيه إلا حقًا وصدقًا ووحيًا، قال الله عز وجل: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى

قال الزهري رحمه الله إمام الأئمة وغيره من علماء الأمة رضي الله عنهم: على الله البيان، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم.

وروى يونس بن عبد الصمد بن معقل عن أبيه أن الجعد بن درهم قدم على وهب بن منبه يسأله عن صفات الله تعالى فقال: ويلك يا جعد بعض المسألة! إني لأظنك من الهالكين، يا جعد، لو لم يخبرنا الله في كتابه أن له يدان وعينًا ووجهًا لما قلنا بذلك، فاتق الله؛ ثم لم يلبث جعد أن قتل وصلب.

وخطب خالد بن عبد الله القسري رحمه الله يوم الأضحى بالبصرة، فقال في آخر خطبته: انصرفوا إلى منازلكم وضحوا، بارك الله لكم في ضحاياكم، فإني مضح اليوم بالجعد بن درهم، فإنه يقول: لم يتخذ الله إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى تكليما، سبحانه وتعالى عما يقول الجعد علوًا كبيرًا، ونزل عن المنبر فذبحه بيده، وأمر بصلبه.

 

يوم الاثنين 16 ربيع الأول 1447 هجرية

مسجد إبراهيم _شحوح _ سيئون








تمت الطباعه من - https://sh-yahia.net/show_sound_16597.html