2025/09/16
الدرس الحادي عشر: من كتاب عقيدة السلف أصحاب الحديث




بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم

 

الدرس الحادي عشر: من كتاب عقيدة السلف أصحاب الحديث

 

ويشهدون لمن مات على الإسلام أن عاقبته الجنة، فإن الذين سبق القضاء عليهم من الله أنهم يعذبون بالنار مدة لذنوبهم التي اكتسبوها ولم يتوبوا منها فإنهم يردون أخيرا إلى الجنة ولا يبقى أحد في النار من المسلمين، فضلا من الله ومنة. ومن مات -والعياذ بالله- على الكفر فمرده إلى النار لا ينجو منها، ولا يكون لمقامه فيها منتهى

الاستثناء في الإيمان والشهادة على المعين بأنه في الجنة أو النار

ويعتقد ويشهد أصحاب الحديث أن عواقب العباد مبهمة، لا يدري أحد بم يختم له، ولا يحكمون لواحد بعينه أنه من أهل الجنة، ولا يحكمون على أحد بعينه أنه من أهل النار، لأن ذلك مغيب عنهم، لا يعرفون على ما يموت عليه الإنسان؛ ولذلك يقولون: إنا مؤمنون إن شاء الله. ويشهدون لمن مات على الإسلام أن عاقبته الجنة، فإن الذين سبق القضاء عليهم من الله أنهم يعذبون بالنار مدة لذنوبهم التي اكتسبوها ولم يتوبوا منها فإنهم يردون أخيرا إلى الجنة ولا يبقى أحد في النار من المسلمين، فضلا من الله ومنة. ومن مات -والعياذ بالله- على الكفر فمرده إلى النار لا ينجو منها، ولا يكون لمقامه فيها منتهى.

 

المبشرون بالجنة

فأما الذين شهد لهم رسول الله ﷺ من أصحابه بأعيانهم بأنهم من أهل الجنة، فإن أصحاب الحديث يشهدون لهم بذلك تصديقا للرسول ﷺ فيما ذكره ووعده لهم؛ فإنه ﷺ لم يشهد لهم بها إلا بعد أن عرف ذلك، والله تعالى أطلع رسوله ﷺ على ما شاء من غيبه. وبيان ذلك في قوله عز وجل: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ﴾ وقد بشر ﷺ عشرة من أصحابه بالجنة، وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد وسعيد وأبو عبيدة بن الجراح، وكذلك قال لثابت بن قيس بن شماس إنه من أهل الجنة، قال أنس بن مالك: فلقد كان يمشي بين أظهرنا ونحن نقول: إنه من أهل الجنة.

أفضل الصحابة

ويشهدون ويعتقدون أن أفضل أصحاب رسول الله ﷺ أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، وأنهم الخلفاء الراشدون الذين ذكر ﷺ خلافتهم بقوله فيما رواه سعيد بن نبهان عن سفينة: «الخلافة بعدي ثلاثون سنة» وبعد انقضاء أيامهم عاد الأمر إلى الملك العضوض على ما أخبر عنه الرسول ﷺ.

الخلافة

ويثبت أصحاب الحديث خلافة أبي بكر رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله ﷺ، باختيار الصحابة واتفاقهم عليه وقولهم قاطبة: رضيهُ رسول الله ﷺ لديننا فرضيناه لدنيانا، يعني: أنه استخلفه في إقامة الصلوات المفروضات بالناس أيام مرضه وهي الدين، فرضيناه خليفة للرسول ﷺ علينا في أمور دنيانا، وقولهم: قدمك رسول الله ﷺ فمن يؤخرك؟ وأرادوا أنه ﷺ قدمك في الصلاة بنا أيام مرضه، فصلينا وراءك بأمره، فمن ذا الذي يؤخرك بعد تقديمه إياك؟ وكان رسول الله ﷺ يتكلم في شأن أبي بكر في حال حياته بما يبين للصحابة أنه أحق الناس بالخلافة بعده، فلذلك اتفقوا عليه واجتمعوا فانتفعوا بمكانه والله وارتفعوا، حتى قال أبو هريرة رضي الله عنه: والله الذي لا إله إلا هو لولا أن أبا بكر استخلف لما عُبد الله، ولما قيل له: مه يا أبا هريرة، قام بحجة صحة قوله، فصدقوه فيه وأقروا به.

ثم خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، باستخلاف أبي بكر رضي الله عنه إياه، واتفاق الصحابة عليه بعده، وإنجاز الله سبحانه بمكانه في إعلاء الإسلام وإعظام شأنه وعده.

ثم خلافة عثمان رضي الله عنه بإجماع أهل الشورى وإجماع الأصحاب كافة ورضاهم به حتى جعل الأمر إليه.

ثم خلافة علي رضي الله عنه ببيعة الصحابة إياه، عرفه ورآه كل منهم رضي الله عنه أحق الخلق وأولاهم في ذلك الوقت بالخلافة، ولم يستجيزوا عصيانه وخلافه.

فكان هؤلاء الأربعة الخلفاء الراشدين الذين نصر الله بهم الدين، وقهر وقسر بمكانهم الملحدين، وقوى بمكانهم الإسلام، ورفع في أيامهم للحق الأعلام، ونور بضيائهم ونورهم وبهائهم الظلام، وحقق بخلافتهم وعده السابق في قوله عز وجل: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا﴾ الآية، وفي قوله: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ إلى قوله: ﴿ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ﴾ ، فمن أحبهم وتولاهم ودعا لهم ورعى حقهم وعرف فضلهم فاز في الفائزين، ومن أبغضهم وسبهم ونسبهم إلى ما تنسبهم الروافض والخوارج -لعنهم الله- فقد هلك في الهالكين. قال رسول الله ﷺ: "لا تسبوا أصحابي، فمن سبهم فعليه لعنة الله" وقال: "من أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن سبهم فعليه لعنة الله".

  

يوم الثلاثاء 24 ربيع الأول 1447 هجرية

مسجد إبراهيم _شحوح _ سيئون








تمت الطباعه من - https://sh-yahia.net/show_sound_16636.html