2025/09/27
الدرس الأول: من التعليق على كتاب شرف أصحاب الحديث للخطيب البغدادي




بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم

 

الدرس الأول: من التعليق على كتاب شرف أصحاب الحديث للخطيب البغدادي

 

مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي اصْطَفَى الْإِسْلَامَ دِينًا لِصَفْوَةِ بَرِيَّتِهِ وَبَعَثَ بِهِ المُرْسَلِينَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ مِنْ خَلِيقَتِهِ وَجَعَلَنَا قَوَّامِينَ بِشَرِيعَتِهِ وَعَلَى مِلَّتِهِ ذَابِّينَ عَنْ حَرِيمِهِ عَامِلِينَ بِسُنَّتِهِ نَحْمَدُهُ حَقَّ حَمْدِهِ وَنَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ لِرُشْدِهِ وَنَرْغَبُ إِلَيْهِ فِي الْمَزِيدِ مِنْ فَضْلِهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى خَاتَمِ رُسُلِهِ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ أَفْضَلُ النَّبِيِّينَ وَخِيَرَةُ اللَّهِ مِنْ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ وَعَلَى صَحَابَتِهِ الْأَخْيَارِ الْمُنْتَجَبِينَ وَتَابِعِيهِمْ بِالْإِحْسَانِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ أَمَّا بَعْدُ: وَفَّقَكُمُ اللَّهُ لِعَمَلِ الخَيْرَاتِ وَعَصَمَنَا وَإِيَّاكُمْ مِنَ اقْتِحَامِ البِدَعِ وَالشُّبُهَاتِ فَقَدْ وَقَفْنَا عَلَى مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ عَيْبِ المُبْتَدِعَةِ لِأَهْلِ السُّنَنِ وَالْآثَارِ وَطَعْنِهِمْ عَلَى مَنْ شَغَلَ نَفْسَهُ بِسَمَاعِ الْأَحَادِيثِ وَحِفْظِ الْأَخْبَارِ وَتَكْذِيبِهِمْ بِصَحِيحِ مَا نَقَلَهُ إِلَى الْأُمَّةِ الْأَئِمَّةُ الصَّادِقُونَ وَاسْتِهْزَائِهِمْ بِأَهْلِ الْحَقِّ فِيمَا وَضَعَهُ عَلَيْهِمُ الْمُلْحِدُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ وَلَيْسَ ذَاكَ عَجِيبًا مِنْ مُتَّبِعِي الْهَوَى وَمَنْ أَضَلَّهُمُ اللَّهُ عَنْ سُلُوكِ سَبِيلِ الْهُدَى وَمِنْ وَاضِحِ شَأْنِهِمُ الدَّالُّ عَلَى خِذْلَانِهِمْ صُدُوفُهُمْ عَنِ النَّظَرِ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَتَرْكِهِمُ الْحِجَاجَ بِآيَاتِهِ الوَاضِحَةِ الْبُرْهَانِ وَاطِّرَاحِهِمُ السُّنَنَ مِنْ وَرَائِهِمْ وَتَحَكُّمِهِمْ فِي الدِّينِ بِآرَائِهِمْ فَالْحَدَثُ مِنْهُمْ مَنْهُومٌ بِالْغَزَلِ وَذُو السِّنِّ مَفْتُونٌ بِالْكَلَامِ وَالْجَدَلِ قَدْ جَعَلَ دِينَهُ غَرَضًا لِلْخُصُومَاتِ وَأَرْسَلَ نَفْسَهُ فِي مَرَاتِعِ الْهَلَكَاتِ وَمَنَّاهُ الشَّيْطَانُ دَفْعَ الْحَقِّ بِالشُّبُهَاتِ إِنْ عُرِضَ عَلَيْهِ بَعْضُ كُتُبِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِآثَارِ نَبِيِّنَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ السَّلَامِ نَبَذَهَا جَانِبًا وَوَلَّى ذَاهِبًا عَنِ النَّظَرِ فِيهَا يَسْخَرُ مِنْ حَامِلِهَا وَرَاوِيهَا مُعَانَدَةً مِنْهُ لِلدِّينِ وَطَعْنًا عَلَى أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ هُوَ يَفْتَخِرُ عَلَى الْعَوَامِ بِذَهَابِ عُمْرِهِ فِي دَرْسِ الْكَلَامِ وَيَرَى جَمِيعَهُمْ ضَالِّينَ سِوَاهُ وَيَعْتَقِدُ أَنْ لَيْسَ يَنْجُو إِلَّا إِيَّاهُ لِخُرُوجِهِ زَعَمَ عَنْ حَدِّ التَّقْلِيدِ وَانْتِسَابِهِ إِلَى الْقَوْلِ بِالْعَدْلِ وَالتَّوْحِيدِ وَتَوْحِيدُهُ إِذَا اعْتُبِرَ كَانَ شِرْكًا وَإِلْحَادًا لِأَنَّهُ يَجْعَلُ لِلَّهِ مِنْ خَلْقِهِ شُرَكَاءً وَأَنْدَادًا وَعَدْلُه عُدُولٌ عَنْ نَهْجِ الصَّوَابِ إِلَى خِلَافِ مُحْكَمِ السُّنَّةِ وَالْكِتَابِ وَكَمْ يُرَى الْبَائِسُ الْمِسْكِينُ إِذَا ابْتُلِيَ بِحَادِثَةٍ فِي الدِّينِ يَسْعَى إِلَى الْفَقِيهِ يَسْتَفْتِيهِ وَيَعْمَلُ عَلَى مَا يَقُولُهُ وَيَرْوِيهِ رَاجِعًا إِلَى التَّقْلِيدِ بَعْدَ فِرَارِهِ مِنْهُ وَمُلْتَزِمًا حُكْمَهُ بَعْدَ صُدُوفِهِ عَنْهُ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ فِي حُكْمِ حَادِثَتِهِ مِنَ الْخِلَافِ مَا يَحْتَاجُ إِلَى إِنْعَامِ النَّظَرِ فِيهِ وَالِاسْتِكْشَافِ فَكَيْفَ اسْتَحَلَّ التَّقْلِيدَ بَعْدَ تَحْرِيمِهِ وَهَوَّنَ الْإِثْمَ فِيهِ بَعْدَ تَعْظِيمهِ؟ وَلَقَدْ كَانَ رَفَضَهُ مَا لَا يَنْفَعُهُ فِي الآخِرَةِ وَالْأُولَى وَاشْتِغَالُهُ بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ أَحْرَى وَأَوْلَى.


يوم الخميس 3 ربيع الآخر 1447 هجرية

مسجد إبراهيم _شحوح _ سيئون








تمت الطباعه من - https://sh-yahia.net/show_sound_16684.html