
بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
الدرس السادس عشر: من التعليق
على كتاب شرف
أصحاب الحديث للخطيب البغدادي
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ
اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ بَرْهَانٍ الْغَزَّالُ الشَّيْخُ
الصَّالِحُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا
أَبُو غَالِبٍ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ
بْنِ مُصْعَبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ،
يَقُولُ: «مَنْ يَزْدَدْ عِلْمًا يَزْدَدْ وَجَعًا وَلَوْ لَمْ أَعْلَمْ لَكَانَ
أَيْسَرَ لِحُزْنِي»
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو
بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرَشِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِلَالِ
بْنِ الْفُرَاتِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي الْحَوَارِيِّ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمٍ الْمَوْصِلِيُّ، عَنِ الْمُعَافَى بْنِ
عِمْرَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ الثَّوْرِيَّ
يَقُولُ: " وَدِدْتُ أَنَّ كُلَّ، حَدِيثٍ فِي صَدْرِي، وَكُلَّ حَدِيثٍ
حَفِظَهُ الرِّجَالُ عَنِّي، نُسِخَ مِنْ صَدْرِي وَصُدُورِهِمْ. فَقُلْتُ: يَا
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ذَا الْعِلْمُ الصَّحِيحُ، وَذَا السُّنَّةُ الْوَاضِحَةُ
الَّتِي قَدْ بَيَّنْتَهَا، تَمَنَّى أَنْ تُنْسَخَ مِنْ صَدْرِكَ وَصُدُورِ
الرِّجَالِ؟ قَالَ: اسْكُتْ، وَمَا يُدْرِيكَ أَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ أَقِفَ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ حَتَّى أُسْأَلَ عَنْ كُلِّ مَجْلِسٍ جَلَسْتُهُ، وَعَنْ كُلِّ
حَدِيثٍ حَدَّثْتُهُ، أَيْشِ أَرَدْتُ بِهِ " فَقَدْ بَيَّنَ سُفْيَانُ فِي
هَذَا الْحَدِيثِ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ. وَقَدْ
قِيلَ: إِنَّمَا خَافَ سُفْيَانُ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْحَدِيثِ، وَتَمَنَّى
أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ فِيهِ، لِأَنَّ حُبَّ الْإِسْنَادِ وَشَهْوَةَ
الرِّوَايَةِ غَلَبَا عَلَى قَلْبِهِ، حَتَّى كَانَ يُحَدِّثُ عَنِ الضُّعَفَاءِ،
وَمَنْ لَا يُحْتَجُّ بِرِوَايَتِهِ. فَمَنِ اشْتُهِرَ مِنْهُمْ بِاسْمِهِ ذَكَرَ
كُنْيَتَهُ تَدْلِيسًا لِلرِّوَايَةِ عَنْهُ، فَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ هَذَا
الْفِعْلِ. وَقَدْ كَرِهَ التَّدْلِيسَ وَالرِّوَايَةَ عَنِ الضُّعَفَاءِ
جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْعُلَمَاءِ
أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ
اللَّهِ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ الْفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْمُظَفَّرِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ
الْقَزْوِينِيُّ، بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
عَبْدِ الْكَرِيمِ، قَالَ قَالَ لِي مُسَدَّدٌ : قَالَ يَحْيَى: «كَانَ سُفْيَانُ
الثَّوْرِيُّ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ شَهْوَةُ الْحَدِيثِ»
وَأَخْبَرَنَا الْحَسَنُ
بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْهَيْثَمِ
الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ الْبَادَا، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ
بْنَ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ: «مَا أَخَافُ عَلَى
سُفْيَانَ شَيْئًا إِلَّا حُبُّهُ لِلْحَدِيثِ»
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ
الْخُلْدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ
الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: " كُنَّا نَكُونُ عِنْدَ سُفْيَانَ، كَأَنَّهُ قَدْ
وَافَقَ الْحِسَابَ، فَلَا نَجْتَرِئُ أَنْ نُكَلِّمَهُ، فَنُعَرِّضُ بِذِكْرِ
الْحَدِيثِ قَالَ: فَيَذْهَبُ ذَلِكَ الْخُشُوعُ، فَإِنَّمَا هُوَ: حَدَّثَنَا،
وَحَدَّثَنَا "
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ يَمَانٍ قَالَ: سَمِعْتُ
سُفْيَانَ، يَقُولُ: «فِتْنَةُ الْحَدِيثِ أَشَدُّ مِنْ فِتْنَةِ الذَّهَبِ
وَالْفِضَّةِ»
وَأَخْبَرَنَا ابْنُ
الْفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ دُرُسْتَوَيْهِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ
سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْخَلِيلِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا
نُوحٍ قُرَادًا يَقُولُ: قَالَ شُعْبَةُ: «نِعْمَ الرَّجُلُ سُفْيَانُ لَوْلَا
أَنَّهُ يُقَمِّشُ يَعْنِي يَأْخُذُ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ»
أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ
اللَّهِ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو
إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
نُمَيْرٍ: قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: مَا أَخَافُ عَلَى نَفْسِي غَيْرَ
الْحَدِيثِ، مِنْ أَيِّ جِهَةٍ هَذَا؟ قَالَ: " لِأَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ
عَنِ الضُّعَفَاءِ
خَبَرٌ لِمُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ الضَّبِّيِّ
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أَخْبَرَنَا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ سَلَّامٍ،
حَدَّثَنَا عَبْثَرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ مُغِيرَةَ، يَقُولُ: «كَانَ مَرَّةٌ خِيَارَ
النَّاسِ يَطْلُبُونَ الْحَدِيثَ، فَصَارَ الْيَوْمَ شِرَارَ النَّاسِ يَطْلُبُونَ
الْحَدِيثَ. لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، مَا حَدَّثْتُ»
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ
زِيَادٍ النَّقَّاشُ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُوسٍ،
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْثَرٌ، قَالَ : سَمِعْتُ مُغِيرَةَ،
يَقُولُ: " لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا حَدَّثْتُ
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ: طَلَبَةُ الْعِلْمِ عَلَى طَبَقَاتٍ،
وَرُبَّمَا حَضَرَ عِنْدَ الْعَالِمِ مِنْ كَتَبَةِ الْحَدِيثِ مَنْ لَمْ تَطُلْ
مُدَّتُهُ فِي طَلَبِهِ، فَيَتَأَدَّبُ بِأَدَبِهِ. وَكَانَ مُغِيرَةُ وَاللَّهُ
أَعْلَمُ قَدْ رَأَى بَعْضَ أُولَئِكَ فِي مَجْلِسِهِ، فَشَاهَدَ مِنْ سُوءِ
أَدَبِهِ، وَقُبْحِ عِشْرَتِهِ مَا أَغْضَبَهُ، فَقَالَ هَذَا الْقَوْلَ. وَلَيْسَ
تَكَادُ مَجَالِسُ الْعِلْمِ تَخْلُوَ مِنْ حُضُورِ مَنْ ذَكَرْنَا وَصْفَهُ. وَنَسْأَلُ
اللَّهَ أَنْ يَرْزُقُنَا تَأَدُّبًا وَعَمَلًا بِالْعِلْمِ، بِفَضْلِهِ
وَرَحْمَتِهِ
أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ
بْنُ مَخْلَدٍ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ صَالِحٍ الْأَبْهَرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي دَاوُدَ، يَقُولُ:
سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ حَمَّادٍ زُغْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ،
يَقُولُ، " وَقَدْ أَشْرَفَ عَلَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، فَرَأَى مِنْهُمْ
شَيْئًا فَقَالَ: مَا هَذَا؟ أَنْتُمْ إِلَى يَسِيرٍ مِنَ الْأَدَبِ أَحْوَجُ
مِنْكُمْ إِلَى كَثِيرٍ مِنَ الْعِلْمِ "
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الصَّوَّافِ، حَدَّثَنَا
عَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَشَّاءُ، حَدَّثَنَا سُرَيْجٌ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ،
قَالَ: نَظَرَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ
وَزِحَامِهِمْ، فَقَالَ: «شِنْتُمُ الْعِلْمَ وَذَهَبْتُمْ بِنُورِهِ. وَلَوْ
أَدْرَكْنَا وَإِيَّاكُمْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَأَوْجَعَنَا ضَرْبًا»
خَبَرٌ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو
بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرَشِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَضَرُ بْنُ أَبَانَ
الْهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ،
يَقُولُ: «لَوْ كَانَ هَذَا مِنَ الْخَيْرِ لَنَقَصَ كَمَا يَنْقُصُ الْخَيْرُ
يَعْنِي الْحَدِيثَ»
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أَخْبَرَنَا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ،
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ،
قَالَ: سَمِعْتُ خَلَفَ بْنَ خَلِيفَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ
سَعِيدٍ، يَقُولُ. «أَرَى كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ يَنْقُصُ،
وَهَذَا الْحَدِيثُ إِلَى زِيَادَةٍ. فَأَظُنُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ أَسْبَابِ
الْخَيْرِ لَنَقَصَ أَيْضًا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخَذَ بَعْضُ النَّاسِ هَذَا
الْكَلَامِ فَنَظَمَهُ شِعْرًا أَنْشَدَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْخُوَارَزْمِيُّ، وَلَمْ يُسَمِّ قَائِلَهُ
أَرَى الْخَيْرَ فِي
الدُّنْيَا يَقِلُّ كَثِيرُهُ … وَيَنْقُصُ جِدًّا وَالْحَدِيثُ يَزِيدُ
فَلَوْ كَانَ خَيْرًا كَانَ
كَالْخَيْرِ كُلِّهِ … وَلَكِنَّ شَيْطَانَ الْحَدِيثِ مَرِيدُ
وَلِابْنِ مَعِينٍ فِي
الرِّجَالِ مَقَالَةٌ … سَيُسْأَلُ عَنْهَا وَالْمَلِيكُ شَهِيدُ
فَإِنْ يَكُ صِدْقًا فَهُوَ
فِي الْحُكْمِ غِيبَةٌ … وَإِنْ يَكُ كَذِبًا فَالْحِسَابُ شَدِيدُ
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو
بَكْرٍ الْحَافِظُ: وَلَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّاعِرُ مِنْ
أَنَّ إِبَانَةَ الْعُلَمَاءِ لِأَحْوَالِ الرُّوَاةِ غِيبَةٌ، بَلْ هِيَ
نَصِيحَةٌ، وَلَهُمْ فِي إِظْهَارِهَا أَعْظَمُ الْمَثُوبَةِ لِكَوْنِهَا مِمَّا
يَجِبُ عَلَيْهِمْ كَشْفُهُ وَلَا يَسَعُهُمْ إِخْفَاؤُهُ وَسَتْرُهُ
أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ
أَحْمَدَ الرَّزَّازُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ
الْمَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَجِيهِ صَالِحُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ،
قَالَ: سَأَلْتُ شُعْبَةَ، وَسُفْيَانَ بْنَ سَعِيدٍ، وَسُفْيَانَ بْنَ
عُيَيْنَةَ، وَمَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ رَجُلٍ، لَا يَحْفَظُ أَوْ يُتَّهَمُ فِي
الْحَدِيثِ، فَقَالُوا جَمِيعًا: «بَيِّنْ أَمْرَهُ»
كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو
مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ، وَحَدَّثَنِيهِ
عَنْهُ، مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ النَّيْسَابُورِيُّ، أَنَّ أَبَا الْمَيْمُونِ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيَّ، أَخْبَرَهُمْ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو زُرْعَةَ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو النَّصْرِيُّ،
قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ، يُسْأَلُ عَنِ الرَّجُلِ، يَغْلَطُ وَيَهِمُ
وَيُصَحِّفُ، فَقَالَ: " بَيِّنْ أَمْرَهُ. فَقُلْتُ لِأَبِي مُسْهِرٍ:
أَتَرَى ذَلِكَ مِنَ الْغِيبَةِ؟ قَالَ: لَا " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ
اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَامَ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِنَا الْمَعْرُوفِ بِـ
«الْكِفَايَةِ» فَغَنَيْنَا عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْكِتَابِ. ثُمَّ نَعُودُ
إِلَى الْكَلَامِ فِي مَعْنَى أَوَّلِ الْفَصْلِ فَنَقُولُ: إِنَّ الثَّوْرِيَّ
عَنَى بِقَوْلِهِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ، غَرَائِبَ الْأَحَادِيثِ
وَمَنَاكِيرَهَا، دُونَ مَعْرُوفِهَا وَمَشْهُورِهَا. لِأَنَّ الْأَخْبَارَ
الشَّاذَّةَ وَالْأَحَادِيثَ الْمُنْكَرَةَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى. فَرَأَى
الثَّوْرِيُّ أَنْ لَا خَيْرَ فِيهَا، إِذْ رِوَايَةُ الثِّقَاتِ بِخِلَافِهَا،
وَعَمَلَ الْفُقَهَاءُ عَلَى ضِدِّهَا. وَقَدْ وَرَدَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ
الْعُلَمَاءِ، سِوَى الثَّوْرِيِّ، كَرَاهَةُ الِاشْتِغَالِ بِهَا، وَذَهَابِ
الْأَوْقَاتِ فِي طَلَبِهَا
أَخْبَرَنَا أَبُو حَازِمٍ
عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَبْدَوِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ إِبْرَاهِيمَ السَّلِيطِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
الْحُسَيْنِ الْمَعْرُوفُ بِالتُّرْكِيِّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى،
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ،
قَالَ: «كَانُوا يَكْرَهُونَ غَرِيبَ الْكَلَامِ وَغَرِيبَ الْحَدِيثِ»
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ
بْنِ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانِ، عَنْ دَعْلَجِ بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا
مُوسَى بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا
يُوسُفَ، يَقُولُ: " لَا تُكْثِرُوا مِنَ الْحَدِيثِ الْغَرِيبِ الَّذِي لَا
يَجِيءُ بِهِ الْفُقَهَاءُ، وَآخِرُ أَمْرِ صَاحِبِهِ أَنْ يُقَالَ لَهُ: كَذَّابٌ
"
حَدَّثَنَا عَبْدُ
الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْقَرِمِيسِينِيُّ، لَفْظًا، أَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُدَيْنَا، قَالَ: سَمِعْتُ
الْمَرُّوذِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: «تَرَكُوا
الْحَدِيثَ وَأَقْبَلُوا عَلَى الْغَرَائِبِ. مَا أَقَلَّ الْفِقْهَ فِيهِمْ»
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَيْسَ يَجُوزُ الظَّنُّ بِالثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَصَدَ
بِقَوْلِهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، صِحَاحَ الْأَحَادِيثِ، وَمَعْرُوفَ السُّنَنِ.
وَكَيْفَ يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ الْقَائِلُ فِيمَا أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ
الْأَزْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِئُ،
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو
بْنِ حَنَانٍ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ
، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: «أَكْثِرُوا مِنَ الْأَحَادِيثِ،
فَإِنَّهَا سِلَاحٌ»
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنِي
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ
زَيْدٍ، كَذَا فِي كِتَابِي عَنِ ابْنِ رِزْقٍ، وَالصَّوَابُ،: ابْنُ دَاوُدَ
قَالَ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ، يَقُولُ: " يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ
يُكْرِهَ، وَلَدَهُ عَلَى طَلَبِ الْحَدِيثِ. يَقُولُ: فَإِنَّهُ مَسْئُولٌ عَنْهُ
"
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ
أَبِي عَلِيٍّ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ
الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ،
حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، قَالَ: سَمِعْتُ
يَحْيَى بْنَ يَمَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، يَقُولُ: " مَا أَعْلَمُ
شَيْئًا يُطْلَبُ بِهِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْحَدِيثِ،
فَقَالَ لَهُ إِنْسَانٌ: إِنَّهُمْ يَطْلُبُونَهُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ؟ قَالَ:
طَلَبُهُمْ لَهُ نِيَّةٌ "
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ،
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ الزَّاهِدُ الصَّائِغُ،
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الْغَلَابِيُّ، حَدَّثَنِي وَكِيعٌ، قَالَ: سَمِعْتُ
سُفْيَانَ، يَقُولُ: «لَا نَعْلَمُ شَيْئًا مِنَ الْأَعْمَالِ أَفْضَلَ مِنْ
طَلَبِ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ، لِمَنْ حَسُنَتْ فِيهِ نِيَّتُهُ»
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، أَخْبَرَنَا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا
ضَمْرَةُ، قَالَ: كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، رُبَّمَا حَدَّثَ بِعَسْقَلَانَ،
وَصُورَ، يَبْتَدِئُهُمْ، ثُمَّ يَقُولُ: " انْفَجَرَتِ الْعُيُونُ،
انْفَجَرَتِ الْعُيُونُ، يَعْجَبُ مِنْ نَفْسِهِ. وَرُبَّمَا حَدَّثَ الرَّجُلَ
فَيَقُولُ لَهُ: هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ وَلَايَتِكَ عَسْقَلَانَ وَصُورَ "
يوم
الاثنين 21 ربيع الآخر 1447 هجرية
مسجد إبراهيم _شحوح _ سيئون