2011/04/16
الخوف والرعب من ضرر مقولة نستمد قوتنا من الشعب

 

الخوف والرعب
 من ضرر مقولة " نستمد قوتنا
من الشعب"
كلمةٌ مقتطفة من درس تفسير ابن كثير
للشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله تعالى
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
 قال الإمام  ابن كثير رحمه الله في تفسير سورة الحج عند قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾ [الحج:38]:
يخبر تعالى أنه يدفع عن عباده الذين توكلوا عليه وأنابوا إليه شر الأشرار وكيد الفجار، ويحفظهم ويكلؤهم وينصرهم، كما قال تعالى: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ﴾ [ الزمر: 36 ] وقال: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [ الطلاق: 3 ].
وقوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ﴾ أي: لا يحب من عباده من اتصف بهذا، وهو الخيانة في العهود والمواثيق، لا يفي بما قال. والكفر : الجحد للنعم، فلا يعترف بها . انتهى كلامه رحمه الله.
 قال الشيخ يحيى حفظه الله تعالى: وهذه الآية ينبغي للمسلم أن تكون له عندها وعند أمثالها وسائر آيات القرآن وقفات تأمل, فإن الذي يدافع عن المؤمنين هو الله سبحانه وتعالى ﴿أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾ [الزمر:36], فمنه يستمد العون ومنه تستمد القوة قال الله عز وجل ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة:5], وثبت عن  النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (( والله يا معاذ أني لأحبك  فلا تدعن في دبر كل صلاة تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)), وكان النبي صلى الله عليه و سلم يدعو (( رب أعني ولا تعن علي وانصرني ولا تنصر علي وامكر لي ولا تمكر علي و أهدني ويسر هداي إلي وانصرني على من بغى علي اللهم اجعلني لك شاكرا لك ذاكرا لك راهبا لك مطواعا إليك مخبتا أو منيبا رب تقبل توبتي واغسل حوبتي وأجب دعوتي وثبت حجتي وأهد قلبي وسدد لساني واسلل سخيمة قلبي)) أخرجه أبو داود وهوحديث صحيح  عن ابن عباس رضي الله عنهما, فمنه تستمد القوة, وفي الصحيحين من حديث أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة )), وفي حديث أبي ذر (( وأمرني أن أكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها من كنز تحت العرش )), (( ومعنى لا حول ولا قوة إلا بالله)) أي لا تحول لنا عن معصيته ولا عن شيءٍ نريد التحول عنه, ولا قوة لنا على طاعته ولا على إقامة شيءٍ نريد أقامته إلا بالله, فالله هو الحي القيوم, ومعنى القيوم القائم بنفسه المقيم لغيره, والله يقول ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا﴾ [الفرقان:58], فأنت تستمد القوة من الله, قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ قَالَ لاَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إلا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ * رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ * وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ * وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ * وَاغْفِرْ لاَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ * وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ * وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ * وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ﴾ [الشعراء:91], الآيات, والشاهد منه أنه استمد قوته من الله سبحانه وتعالى, فالقوة لله جميعا, قال الله سبحانه وتعالى ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ﴾ [البقرة:165], من الذي يستطيع أن يقويك وأن يشفيك وأن يغنيك وأن يدفع عنك ﴿إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الحج:38], وقال تعالى ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [يونس:107], وثبت عند الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف )).
تستمد القوة من رب العالمين, والحذر الحذر مما يزينه الفكر الديمقراطي لبعض الناس أن الشعوب تستمد قوتها من الشعوب, وأن الشعب يستمد قوته من الشعب, وأن المسؤول يستمد قوته من  قوة الشعب, هذا لا يجوز, قال تعالى ﴿قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ المُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [آل عمران:26], الله بيده الخير, وفي الصحيحين من حديث  معاوية رضي الله عنه سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ(( مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الاُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ )).
وقوتك التمكنية تستمدها من الله قال الله تعالى ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [النور:55].
 قوتك العقلية والإيمانية تستمدها من الله,كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول (( اللهم آت نفسي تقوها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها )), قال الله سبحانه وتعالى ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة:7], وقال تعالى ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [يونس:26], وقال تعالى ﴿يَا قَوْمِ لَكُمُ المُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَنْ يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ [غافر:29], الله الذي أعدك, الله الذي أمدك, الله الذي هيأك وأخرجك لا تعلم شياً ضعيف العقل ضعيف الجسم ضعيف سائر القوى, قال الله تعالى ﴿وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [النحل:78], و قال تعالى ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾ [الروم:54], وقال تعالى ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون:14], وقال تعالى ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ المَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [فاطر:2], من الذي يستطيع أن يبعد رحمة الله أو يمسك فضل الله عنك أو يجلبها لك ﴿ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الحديد:21], كل نعمةٍ أستمدها من الله, نعمة أمن, نعمة عزة, نعمة قوة, نعمة ملك, لا تستطيع أن تستمدها من شعب, ولا تستطيع أن تستمدها من مال, ولا تستطيع أن تستمدها من شيءٍ, إنما الله معطي, قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ ولا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ )) متفق عليه من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه, وقال تعالى ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ﴾ [النحل:53],وقال سبحانه وتعالى ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ [لقمان:20], وقال تعالى ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾ [إبراهيم:34], فسؤاء القوة الجسدية أو القوة المالية أو القوة الملكية أوالقوة العقلية أو سائر ما أنت فيه كله من الله, قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [فاطر:16], فلا يستطيع أحدٌ قلَّ أو كثر أن يمدك بقوة ما دام الله سبحانه وتعالى لم يمدك, قال الله سبحانه وتعالى ﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ وقال الله عز وجل ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [الأنفال:10], وقال أنبياء الله ورسله ﴿وَمَا لَنَا أَلا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلُونَ﴾ [إبراهيم:12], هكذا شأن المؤمن, فالحذر بارك الله فيكم ومن يسمع من تلك الكلمة الديمقراطية نستمد قوتنا من الشعب, فإنها يغتر بها بعض الناس, وهي كلمةٌ خطيرة, الشعب ليس له الحكم ولا القوة, ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ﴾ [يوسف:40], والشعب لا يمد بقوة, إنما يمد بالقوة الله, ويمكِّن لمن يشاء, قال تعالى ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ ﴾ [القصص:6],فالله يمكن لمن يشاء من خلقه في أرضه وملكه, قال تعالى ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ﴾ [الحج:41], والشاهد مكناهم, أنت لا تملك لنفسك ولا لغيرك ضراً و لا نفعا, وغيرك لا يملك لك ضراً ولا نفعا إلا ما شاء الله قال الله تعال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ﴿قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف:188], و قال الله سبحانه وتعالى ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾ [هود:57],  وأخرج مسلم ٌ في صحيحه من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم فيما يروى عن الله تبارك وتعالى أنه قال((  يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا, يا عبادي كلكم ضالٌ إلا من هديته فاستهدوني أهدكم, يا عبادي كلكم جائعٌ إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم, يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم, يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم, يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني, يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً, يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئاً, يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر, يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه)).
هذه كلمةٌ مختصرة تنبيهاً على تلك الكلمة التي اغتر بها بعض المسلمين ممن نرجو فيه الخير ونأمل منه الخير, وهي كلمة نستمد قوتنا من شعبنا, فهذه الكلمة خطأ, نسأل الله التوفيق والسداد لما يحبه ويرضاه.
سجلت وفرغت هذه المادة في ظهر يوم السبت13/جماد الأولى 1432هـ
ويمكنكم تحميل الرسالة على صيغة pdf  على هذا الرابط
www.sh-yahia.net/new_files/005.pdf
 
تمت الطباعه من - https://sh-yahia.net/show_art_32.html