2009/07/12
المكائد الشيطانية تحت دعوة المرأة المسلمة إلى الحرية

 

المكائد الشيطانية تحت دعوة المرأة المسلمة إلى الحرية
خطبة جمعة بتاريخ:
(30/صفر /1427هـ)
(للشيخ العلامة المحدث: أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري -حفظه الله تعالى-)
===================
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ))[آل عمران:102]، ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا))[النساء:1]،((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا))[الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها الناس! إن المسلمين رجالاً ونساء، جناً وإنساً محسودون من أعداء الإسلام، كما أبان الله سبحانه وتعالى ذلك في كتابه الكريم فقال: ((مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ))[البقرة:105]، وقال سبحانه وتعالى: ((وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ))[البقرة:109]، وقال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ((وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً))[النساء:89]، وقال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ((وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ))[البقرة:120].
في هذه الآيات بيان أن المسلمين موجه إليهم حسد عظيم من أعداء هذه الملة، وهذا الحسد في الحقيقة على نعمة عظيمة، عرفها الموفقون وأنكرها المخذولون من المسلمين أنفسهم، ومن تلك النعمة التي يجب تذكرها، والتي تذكرها يزيد الإيمان، هي نعمة شرع الله الحنيف، فقد أكمل الله سبحانه وتعالى الدين وأتم النعمة، كما قال سبحانه: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا))[المائدة:3]، وهذا الكلام العظيم يشمل الرجال والنساء، والجن والإنس، وسائر المكلفين، أن الله سبحانه وتعالى قد أكمل لهم الدين، وأتم عليهم النعمة، ورضي لهم الإسلام ديناً بشرائعه وأحكامه وأقواله وأفعاله وكل صغيرة وكبيرة فيه.
أيها الناس! إن أمر تذكر النعمة واجب، فموسى عليه الصلاة والسلام من بداية دعوته وهو يذكر قومه نعمة الله، فإن من لم يعرف نعمة الله عليه تسلب من يديه النعمة وهو يحسب أنه يحسن صنعاً، قال موسى عليه الصلاة والسلام فيما أخبر الله عنه: ((وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ))[المائدة:20]، وأمره الله سبحانه وتعالى أن يذكر قومه فذكرهم بذلك.
وقال الله عز وجل: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ))[فاطر:3]، ((وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ))[إبراهيم:6].
وقال الله عز وجل: ((فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ))[الأعراف:69]، فإن تذكر آلاء الله ونعم الله على العبد من أسباب الفلاح، ولما غفل المسلمين وتناسوا النعمة التي هم فيها هرعوا يرفلون ويجرون ويهرولون خلف أعداء الإسلام الذين سلبت من أيديهم النعم بسبب كفرانهم لنعمة الله، وعدم استجابتهم لدين الله الحق، وصاروا ملعونين مذمومين مدحورين: ((لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ))[المائدة:78-79].
والله عز وجل لا يسلب نعمة عن العباد إلا من أنفسهم وبجنايتهم: ((ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ))[الأنفال:53]، وقال سبحانه: ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ))[الرعد:11].
احذروا معاشر المسلمين تبديل نعمة الله؛ فإن تبديل نعمة الله عليكم من أسباب الانتقام: ((وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ))[البقرة:211].
ألا وإن من النعم على المسلمين لما أبانه الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم من حقوق الرجال والنساء، وأعطى كل ذي حق حقه، من بني آدم والجن والإنس والحيوانات والحشرات والضفادع والقمل، ولم يترك مجالاً أن يتفوض في دين الله عبد من عباده، ولم يجعل له في ذلك مجالاً أن يتصرف فيه برأيه ولا باستحسانه، ولا بذوقه وشهواته، فأعطى الله سبحانه وتعالى النساء حقوقهن كاملة وافية موفورة، وأمر بالوصية بهن، فقال سبحانه: ((وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا))[النساء:36]، هذه حقوق ضبطها الله سبحانه وتعالى وبينها في كتابه الكريم، ومن تلك الحقوق: حقوق الأرحام من الرجال والنساء، ومن تلك الحقوق: حقوق الصاحب بالجنب، وهو شامل للزوجة، وشامل للأرحام.
حقوق مبينة مقرونة بعبادة الله سبحانه وتعالى، أداؤها عبادة، والتفريط فيها عناد، والتفريط فيها ضلال، والتفريط فيها بعد عن الله سبحانه.
ما هذه الدعوة التي تثار في أوساط المسلمين لسلب نعمة الله عليهم؟! هي دعوة خطيرة فتاكة بالمجتمعات رجالاً ونساء، تحت ستار تحريرها، والواقع أنه دفدفتها إلى تهويرها، حرام يا قوم! أن تعترضوا على أحكام رب العالمين، فإن الله أحكم الحاكمين: ((أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ))[الملك:14].
حرام يا قوم! إن هذه الدعوة الخطيرة تعتبر والله اعتراضاً على شرع الله الحق، ومن لوازمها الكفر الصريح لمن رأى أن فعله وصنعه أعدل من حكم رب العالمين في فلان أو علان، أو رجل أو امرأة، وأن يقول: إنها مظلومة، أو مهضومة من رب العالمين، ومن كتاب الله وسنة رسوله.
أيقول هذا مسلم؟! وإن لم يقله بلسان مقاله أيجوز له أن ينفذه بتطبيقه وفعاله أنها امرأة مظلومة؟!
إنها امرأة مكرمة ما دامت على تقوى الله والإسلام: ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا))[الإسراء:70]، ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ))[الحجرات:13]، ((وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا))[الفرقان:54].
الله أعلم وأحكم بعباده، الله قد كرم المرأة المسلمة الصالحة، كرمها وأنتم تريدون أن تهينوها، وأن تبتذلوها، الله أعزها ودفع عنها الأذى وأنتم تريدون أن تعرضوها للأذى والفتن.
احذروا على أنفسكم من هذه الدعوى، فإن الله عز وجل يقول: ((إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا * وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا))[الأحزاب:57-58]، لا تؤذوا إماء الله، لا تؤذوا النساء، حرام حرام أن تعرضوا النساء للظلم، وأن تعرضوهن للفتن، يقول الله سبحانه وتعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ))[البروج:10]، ألكم طاقة على هذا الوعيد الشديد؟! تعرضون النساء للفتنة، تفتنوهن وتفتنوا بهن، وتسيروهن إلى ما سار إليه بنو إسرائيل الملعونين المذءومين.
روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء}.
اتقوا الله أيها المسلمون! واستحيوا من هذه الدعوة الفاشلة البائرة، التي تعرض لقلة الحياء، والتي تشيع وتفشي الزنا، والتي تهتك الأستار، والتي تقطع الأعراض، والتي تمزق الشمل، والتي تسبب الفتنة والدمار، طبقوا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم تفلحوا.
روى الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لا يزال أعوج، فاستوصوا بالنساء}، هذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
استوصوا بالنساء ولا تعرضوهن للحرج، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبو شريح الخزاعي رضي الله عنه: {اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة}، ما مفرك من دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أنت أضعت حق هذه الضعيفة المسكينة، وأوقعتها في الحرج، فإنك تحرج وتأثم، قال أهل العلم: معنى: ألزمه الحرج، وأحذر من ذلك تحذيراً بليغاً، وأنهى عن ذلك نهياً أكيداً من أن توقع هذه المرأة في الحرج.
استوصوا بالنساء خيراً، علموهن دين الله، علموهن التوحيد: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ))[التحريم:6]، استوصوا بالنساء خيراً بوقايتهن عذاب الله سبحانه وتعالى بطاعة الله.
استوصوا بالنساء خيراً في صغرهن برعايتهن، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: {من ابتلي بشيء من هذه البنات فأحسن إليهن وأدبهن، كانت له ستر من النار}، وفي لفظ: {كنت أنا وهو في الجنة كهاتين}.
استوصوا بالنساء خيراً فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {كلكم راع ومسئول عن رعيته}، أنت راعي عليها من صغرها، المرأة مرعية في صغرها عند أبويها، وفي أحضان والديها، تتربى وتترعرع على مؤدبة الرعاية والصيانة.
قال الله سبحانه: ((أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ))[البقرة:133]، وصية عند موته أبنائه، وتربية لأبنائه شاملة للرجال والنساء، والذكور والإناث، وقال: ((وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ))[البقرة:132].
استوصوا بالنساء خيراً واسمعوا إلى وصية لقمان لابنه: ((يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ * وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ))[لقمان:16-19]، استوصوا بالنساء خيراً، ((وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى * وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى))[طه:131-132]، ((وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا))[مريم:54-55].
النساء لهن حق الرعاية: {يا رسول الله! ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح}.
النساء لهن حق الصيانة والسكنى، قال الله عز وجل: ((أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ))[الطلاق:6]، الآيات في الوصية بالنساء ورعاية النساء، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: {ما من عبد يسترعيه الله رعية لم يحطها بنصحه، إلا لم يجد رائحة الجنة}، الحديث في الصحيح عن معقل بن يسار رضي الله عنه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه: {كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول}، فهي معولة، وهي تحت الرجل تعتبر مسكينة ضعيفة، قال الله سبحانه وتعالى: ((كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ))[التحريم:10]، شاهدنا: (تحت).
استوصوا بالنساء خيراً بالقوامة عليهن: ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ))[النساء:34]، فأين هذه الوصية؟! تتركون القوامة، وتضعون المرأة عسكرية جندية سائرة في الشوارع سائبة بين ذئاب البشر، هذا يخطفها من جانب، وهذا يسيء إليها من جانب، أين القوامة؟!
استوصوا بالنساء خيراً كما أوصاكم رسول الله وأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم، بتأديب المرأة، وألا تسافر إلا مع ذي محرم، ففي الصحيحين عن أبي سعيد وعن غيره جاء عن جماعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم}، حفاظاً عليها، ضعيفة، لا تستطيع الدفع عن نفسها، ضعيفة كما في حديث: {أحرج حق الضعيفين}، لا تستطيع تقوم بشئونها؛ فلهذا لا تسافر إلا مع من يرعاها ويقوم على شئونها، ولا تتعرض للفتنة، ولا تتعرض لامتهان، الله أمرها أن تعتد في بيتها إذا مات زوجها؛ حفاظاً عليها: ((وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا))[البقرة:234]، تتربص وتنتظر حتى تنتهي عدتها في المكان الذي توفي فيه زوجها، وإن كانت فتنة انتقلت إلى أوليائها، أين الرعاية؟
الرعاية والصيانة مفقودة في هذه الدعوة الملحدة، هي دعوة كافرة، دعوة ديمقراطية، دعوة يهودية نصرانية، يتلقفها جهال المسلمين، ويشيعونها بين الرجال والنساء تحت ستار أنها حرية، هذه فتنة، هذا ضرر خطير جداً.
أي حرية هذه؟! حرية الزنا، إن هذه الدعوة عريضة واسعة النطاق إلى حرية الزنا، الذي يقول الله سبحانه وتعالى فيه: ((وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا))[الفرقان:68-70].
نعم، هذه حرية للاختلاط والفاحشة، وقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ))[الأحزاب:59]، كل من كان مؤمناً هذا الخطاب موجه إليه، من الجن والإنس سائر المكلفين، ((يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ))[الأحزاب:59]، هذه صيانة من رب العالمين لها وحماية له ورعاية لها وإكرام لها، أم امتهان لها؟! ما جرى بكم أيها الدعاة إلى إفساد المرأة، أيها الدعاة إلى إهلاك المرأة، بل إلى إهلاك المجتمعات؟! فقد ثبت من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه عند الحاكم أنه قال: {وما فشت الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشت فيهم الأوجاع والأمراض التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا}.
والله ما رأينا أمراض الإيدز، وأمراض الزهري، وأمراض السيلان، وأمراض السرطان، وأمراض كذلك السكر، وأمراض وأمراض عجز عنها مهارات الأطباء إلا لما شاعت هذه الفاحشة بين الناس في الغرب، والآن تتسلل بل تهرول بل تجري كجريان النار في هشيم الحطب في بلاد المسلمين بإشاعة هذه الفتنة، حتى كان النساء هناك يلبسن لباساً متميزاً، التي فيها الإيدز تلبس ذلك اللباس المتميز.
أتنتظرون من وراء هذه الدعوة أن تكون في شوارع البلاد اليمنية والبلاد الإسلامية، من يحكم عليها أن تلبس أنها قد صارت فيها الإيدز وأنها تتجنب وينظر غيرها؟!
في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إياكم والجلوس في الطرقات، قالوا: يا رسول الله! مجالسنا ما لنا منها بد، قال: إن أبيتم إلا المجلس فاعطوا الطريق حقه، قالوا: ما حق الطريق؟ قال: غض البصر}، من أجل ماذا غض البصر ولم يسمح بالنظر إلى المرأة إلا إذا كانت للخطبة: {لعله أن يؤدم بينكما}، كل ذلك لا يتسلل هذا الفكر إلى المسلمين، وتشاع بينهم الفتنة والشهوات والأمراض والأسقام التي حصلت في الأمم الماضية.
نعم، غض البصر، ويقول: ((قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ))[النور:30-31].
كيف هذا؟!
ألقاه في اليم مكتوفاً          وقال إياك أن تبتل بالماء
عسكرية أو جندية، أو مختلطة في الأعمال، أو موظفة، أو في المكتب وتقول لها: غضي بصرك من الدكتور، أو: غضي بصرك كذلك من العسكري، هذا يصلح؟!
أنتم تعارضون أحكام رب العالمين، إياكم إياكم! كلمة حق: هذه الدعوة دعوة زندقة، ما هي دعوة إسلامية، وإنما هي صادرة من الكفار يتلقفها جهال المسلمين: ((قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى))[النور:30]، ((وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا))[النساء:87]، ((وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا))[النساء:122]، أيهما أزكى دعوتكم أم كلام رب العالمين وتوجيه رب العالمين؟
ذلك أزكى لهن، أزكى لقلوبكم وقلوبهن، أطهر لقلوبكم وقلوبهن، ((فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا))[الأحزاب:32]، أيهما أزكى دعوتكم أم كلام رب العالمين؟ ((وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ))[الأحزاب:53].
يا أيها الناس! إن هذه الدعوة صادرة من أصحاب قلوب نجسة، إي والله، فلو كانت قلوبهم طاهرة لطبقوا ما ثبت في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه, ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى}، انظر هذا الحديث حول الحمى، فما بالك إذا كان الحمى مختلط بعضه ببعض!
 التيوس وهم حيوانات إذا اختلطوا مع الغنم ما تراها تنام، ما تدري إلا وتسمع الزعيط، إلى أن يحصل بينهم ما هو معلوم، ما تسمع إلا ذلك!
هذا بشر! هذا إنسان عنده إحساس، إنسان عنده شهوة، إنما يدفعه عن شهوته تقوى الله سبحانه وتعالى، وتجنب أسباب الهلاك، تجنب وسائل المحرمات، وسائر المحرمات محرمة، سواء الشركيات أو الزنا أو الفساد: {العينان تزنيان وزناها النظر، واليد تزني وزناها البطش، والرجل تزني وزناها الخطى، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه}، يعني: هذه ذرائع وإذا ارتكبت هذه الذرائع والوسائل أدت إلى تصديق الفرج.
ما هذا؟! دعوة تشاع على الجرائد، تشحن بالكلام المرأة.. المرأة.. المرأة، اتقوا الله فيها: {رفقاً بالقوارير}، ما لكم تظلمون؟ الظلم ظلمات يوم القيامة، هذا ظلم لها، بل ظلم لمجتمعاتنا الذي أثنى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإيمان والحكمة، أين الإيمان والحكمة؟! الإيمان يحرم هذا الاختلاط، ويحرم الفتنة، ويحرم الدعوة إلى حرية المرأة زعموا كأن الله هضمها وظلمها، ويحرم هذه الدعوة البائرة.
وليس من الحكمة أن تلقي بامرأتك ولا ببناتك للإفساد، لا حكمة، لا عقلاً، ولا ذوقاً، ولا ديناً، ولا شرعاً، ولا أخلاقاً، ولا حياء، ولا مروءة، ولا غيرة، وإنما هي دعوة أكالي الخنازير.
معروف أن الخنزير عديم الغيرة، يذكرون: أن الخنزير يأتي الذكر الأنثى ويدفعه على امرأته، والذين يأكلون الخنازير يذكر أهل العلم أن غيرتهم تذهب، فتلك دعوة أكالي الخنازير.
الحياء الحياء أيها الناس! إنها امرأة جوهرة مكنونة مصونة معززة مكرمة عند أبويها، معززة مكرمة عند زوجها، مأمور هو بحسن عشرتها: ((وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ))[النساء:19]، ((الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ))[البقرة:229]، ((وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ))[الطلاق:6].
هكذا هي معززة مكرمة بين يديه بالرعاية، وبحسن الصيانة، تأبون هذا الشرف لها إلا إفسادها وإهلاكها.
مسكينات ناقصات عقل ودين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: {ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن}، ثم يدفع بها إلى الفتنة والاختلاط تحت ستار: دعوى الحرية، هذه دعوة التهوير لا إلى التحرير والله، نعم.
ثم ما هو هذا التحرير الذي هضمها الله، والذي ظلمها الله وأنتم تريدون أن تنصحوا لها؟! نعم، هذه دعوى خطيرة، أكرر ذلك: هذه دعوى خطيرة، يجب على المسلمين دعاة وخطباء، وراعين ومرعين، ورجالاً ونساء، أن يحذروا هذه الدعوة ويحذروها، فإنهم مستهدفون بها أشد من استهدافهم بالطيران والقنابل العنقودية، إي والله، هذه أشد من ضربهم بالطيران، وأشد من وقع القنابل عليهم، وتهديهم لأن يموت الإنسان على خير واستقامة وتوحيد، فإنه في خير، أما أن يموت وهم يتهارجون تهارج الحمر فما الفائدة من الحياة؟! المسألة مسألة جنة ونار، المسألة ما هي تمتع كما تأكل الأنعام، هذا شأن الكفار: ((وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ))[محمد:12]، أما المؤمن فإن الله سبحانه وتعالى قد أكرمه وأعزه: ((لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ))[التين:4].
المرأة أيضاً معززة مكرمة بين أولادها من عند أبيها، فإذا زوجها وأحسن الاختيار وأدبها وضعت بين يدي زوجها، ولا تزال أيضاً مترددة مع أرحامها، لها الحق على الأرحام، ولها الحق على الزوج، ولها الحق على الأبناء: ((وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا))[البقرة:83].
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه: ((فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا))[الإسراء:23]، تصدر هي أوامر هي فقط: هاتوا كذا، اعطوا كذا، نريد في البيت كذا، أصلحوا كذا، وتأتيها مطالبها من أهلها، من زوجها، من أولادها إحساناً، ولها الحق في ذلك، أبوا لها هذه المكرمة حتى تلقط حقيبتها على ظهرها والمؤسسة أو الشركة أو المكتب، ويستقبلها ذلك الذئب الخبيث بالحركات والسكنات والمصافحات والمهاوزات، تنكرون هذا، كذاب من ينكر هذا. لا تلبسوا على المسلمين، هذا اتهامات، هذا حقيقة ملموسة لا ينكرها إلا عصبي أو غبي.
الحمد لله، ((الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى))[الأعلى:2-5].
الحمد لله ((الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ))[السجدة:7]، ((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ))[الأنعام:1]، الحمد لله الذي خلقنا وهدانا وكفانا وآوانا وأطعمنا وسقانا وكل بلاء حسن أبلانا.
الحمد لله القائل في كتابه الكريم: ((فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ))[الأنعام:157].
الحمد لله القائل في كتابه: ((وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ))[النحل:94].
الحمد لله القائل في كتابه: ((فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ))[الزمر:32].
إن الله أعطى كل ذي حق حقه، من المعلوم يقيناً بالأدلة القطعية أن المرأة على النصف من الرجل، ذكر على النصف من الأنثى في خمسة مواضع، كل ذلك مبين بكتاب الله وسنة رسوله وإجماع المسلمين:
الموضع الأول من تلك الفوارق الكثيرة: العقيقة، ما إن تولد إلا وهناك فارق بينها وبين الرجل عن الذكر عقيقة شاتان وعن الأنثى شاة واحدة.
وهكذا العتق، عتق الرجل أفضل من عتق المرأة، كما ثبت ذلك من حديث أبي أمامة: {ما من مسلم يعتق مسلماً إلا آتاك الله بكل عضو منه عضواً منه حتى فرجه بفرجه}، وقال: {وما من مسلم يعتق امرأتين مسلمتين إلا أعتق الله بكل عضوين منهما عضواً منه}.
ثم في الميراث: ((يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ))[النساء:11].. إلى آخر الآيات، وقال سبحانه: ((لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا))[النساء:7]، كل بحسبه.
ثم في الشهادة: ((فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى))[البقرة:282].
العقيقة والعتق والشهادة والميراث والدية المجمع عليها عند أهل العلم أنها دية المرأة نصف دية الرجل.
وهناك فوارق كثيرة حتى في اللفظ: قام زيد قامت هند، تاء التأنيث موجود عند العرب، تريدون أن تلغوا حتى هذه الأمور، إن اعتقاد عدم الفارق بين الرجال والنساء كفر، اعتراضاً على رب العالمين سبحانه وتعالى.
وإن هذه الدعوة تعتبر مكراً كبَّاراً، ولكن الله سبحانه وتعالى يقول: ((وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ))[الأنفال:30]، ويقول سبحانه وتعالى: ((وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ))[آل عمران:54]، ويقول: ((وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ))[فاطر:10].
هذه الدعوة تعتبر غشاً وخديعة لنساء المسلمين، أبناء المسلمين تضيع أبناءها ولا تربي أبناءها، وتفتئ على زوجها، وتفتئ على أرحامها، وتفحم في أعمال شاقة عليها، {من غشنا فليس منا}، كذا قال النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
إن هذه المسألة تعتبر مخادعة، والمخادعة من شأن المنافقين لا من شأن المسلمين، يقول ربنا سبحانه وتعالى: ((يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا))[النساء:142]، ويقول سبحانه وتعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ))[البقرة:6] * ((خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ))[البقرة:7]، وقال في المنافقين: ((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ * وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ))[البقرة:11-15].

نسأل الله عز وجل التوفيق لما يحب ويرضى، وأن يختم لنا بالحسنى، وأن يجنب بلاد المسلم

تمت الطباعه من - https://sh-yahia.net/show_sound_421.html