الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ -
الصوتيات

أهمية الإنذار من الفتن قبل حدوث الأضرار

26-03-2009 | عدد المشاهدات 5750 | عدد التنزيلات 1394

[أهمية الإنذار من الفتن قبل حدوث الأضرار(146)]

خطبة جمعة بتاريخ: (6 رجب 1428هـ)

(للشيخ العلامة المحدث: أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري -حفظه الله تعالى-)

=================================

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران:102]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النساء:1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾[الأحزاب:70-71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها الناس! إنه لابد من الإنذار وبيان أهمية الإنذار قبل حدوث الفتن والأضرار، وما أنزل الله كتبه ولا أرسل الله رسله، ولا بصر الله علماء هذه الملة إلا ليقوموا بذلك، قال عز من قائل: ﴿المص * كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾[الأعراف:1-2]، فأمر الله عز وجل رسوله أن ينذر به، وأن لا يكون في صدره حرج من النذارة به، وقال الله في كتابه الكريم: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾[الأنعام:19]، هذا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله أوحى إليه بهذا القرآن لينذر هذه الأمة، ومن بلغه القرآن، وقال الله عز وجل: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾[النساء:165]، وقال سبحانه: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا * قَيِّمًا لِيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا﴾[الكهف:1-2]، فكتاب الله منذر، ورسل الله منذرون، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾[الشعراء:192-195]، هذا كله لأهمية النذارة، وأن النذارة تقي العبد بإذن الله عز وجل من الخسارة، ما من نبي أرسله الله إلا وكان حقاً عليه أن يقوم بذلك: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾[النساء:165]، وقال سبحانه: ﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾[الأحقاف:21]، فجميع الرسل ينذرون قومهم من كانوا قبل عاد، ومن كانوا بعده، كل ذلك خوفاً عليهم من عذاب الله؛ لأن الله عز وجل قال: ﴿أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ﴾[فاطر:37]، فمن جاءه النذير قامت عليه الحجة إذا فهم ذلك: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾[النساء:115]، وقال عز وجل: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾[الإسراء:15]، وقال الله عز وجل: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾[القصص:59]، هذا من أهمية النذارة: أن الله عز وجل يهلك القرى بعد أن تتولى عن النذر، وما تلك إلا بحكمة الله سبحانه وتعالى، يقابل الكفار، والمشركون والمعرضون تلك النذارة كلها، والبشارة كلها بالإعراض والإدبار فيستحقون بذلك كل الخسارة والنار: ﴿حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ﴾[القمر:5]، انظروا إلى وصف الله سبحانه وتعالى للكفار، قال الله عز وجل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾[البقرة:6]، النذارة وعدم النذارة عند الكافرين سواء لا تفريق عندهم بين الحق والباطل وبين النذارة والخسارة، وقال: ﴿وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ﴾[يس:10-11]، ووصفهم الله بقوله: ﴿وَإِذَا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ﴾[الصافات:13]، وقال تعالى: ﴿وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ﴾[يونس:101]، ﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾[الأنعام:111]، هذا شأن الكفار الذين قال الله سبحانه وتعالى مخبراً عنهم: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾[الحج:46]، وقال الله: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾[الأعراف:179]، النذارة ما لها شأن عندهم، النذارة عندهم سواء وغير النذارة، ومن حصل من المسلمين منه ذلك فإن هذا يعتبر فيه من التشبه بمن ذكر الله من الكافرين، النذارة تغني في الإنسان.. النذارة تنفع في القلوب.. النذارة لها أثر في المؤمن، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾[طه:43-44]، يعني: يحصل فيه إيمان، وقال: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾[الأنفال:2]، وقال سبحانه: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾[الذاريات:55]، المؤمن ينتفع بالنذارة والتذكير، وقال: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا﴾[الأعلى:9-13].

الإعراض عن النذارة، والإعراض عن الحق، وعدم قبول النصح هذه علامة التعاسة وعلامة الشقاوة، علامة الإعراض من شأن الكفار ونعوذ بالله من التشبه بهم، وليست النذارة خاصة بالكتاب ولا بالأنبياء فقط، بل حتى أهل العلم، ما خولهم الله وما مكنهم الله إلا للقيام بهذه البشارة والنذارة، قال الله في كتابه الكريم: ﴿فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾[التوبة:122]، أمر الله بالنفور، وأمر الله بالتفقه في الدين لتحصل النذارة للمسلمين، المسلم.. العبد لله إذا لم يُذكر وينذر، فإنه يتراكم في الخطر، ولهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لله له: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ..﴾[المدثر:1-2] من أجل ماذا؟ ﴿قُمْ فَأَنذِرْ﴾[المدثر:2]، أنذر الناس، ﴿قُمْ فَأَنذِرْ﴾، وقال الله: ﴿وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ﴾[غافر:18]، ﴿وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾[مريم:39]، أنذر الناس، الناس في غفلة، أنذرهم الآزفة، أنذرهم النار، قال الله: ﴿فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى * لا يَصْلاهَا إِلَّا الأَشْقَى * الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى * وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى﴾[الليل:14-18] الآيات، فأنذر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما من نبي بعثه الله إلا لهذا وللنذارة كعامة في كل صغيرة وكبيرة من تخلى من أنبياء الله ورسله، أو من العلماء النذارة فإن ذلك لا يحق له، ولهذا قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾[المائدة:67]، وقال ليحيى حين قال عيسى: «إما أن تبلغ قومك وإما أن بلغهم، قال: إني أخشى إن بلغتهم أن يخسف بي أو أعذب»، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «جاءتني رسالة من ربي فضقت بها ذرعاً، وعلمت أنهم يكذبونني فقيل: إما أن تفعل، وإما أن يفعل بك، إما أن تقوم بهذا، وإما أن يفعل بك» أي: أن الله سبحانه وتعالى كلفه بهذا الأمر، قال الله سبحانه: ﴿وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾[الإسراء:74-75]، وقال: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾[الحاقة:44-47]، هذا في حق خير البشرية على وجه الأرض، خير الخليقة على وجه الأرض.

إنه دين الله لابد فيه من البشارة والنذارة، إنه دين الله، كُلف العباد وابتلوا من أجل ذلك، نعم وهذا كما تعلمون ليس خاصاً بأمر دون أمر ولا بأحد دون أحد، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنه ما من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل قومه على خير ما يعلمه لهم، وأن ينذر قومه شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعلت عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها..» الحديث، شاهدنا منه: أنه لابد للإنسان من هذه النذارة والبشارة: أن ينذر كل صغيرة وكبيرة وأن لا تكون نذارته محصورة على شيء بعينه فحسب: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾[البقرة:208]، النذارة مهمة أمر الله نبيه أن ينذر الأمة فجمع قومه وحثهم ودعاهم، ويقول لهم: «أنذرتكم النار! أنذرتكم النار» قال النعمان: (فلو كان أحد في مكان كذا وكذا لسمعه وهو يحذر الناس وينذرهم) فلما اجتمعوا قال أبو لهب: (ألهذا جمعتنا! تباً لك سائر اليوم، فأنزل الله تصديق نبيه وإهانة أبي لهب، وأن شأن النذارة شأن عظيم: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ﴾[المسد:1-4] الآيات).

رتبة البشارة والنذارة رتبة عظيمة للمؤمنين ولسائر عباد الله من الجن والإنس يقول الله عز وجل يوم القيامة: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ﴾[الأنعام:130]، وقال: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾[الأحقاف:29-31]، النذارة سبب للسلامة، ولما أنذر بنو إسرائيل قومهم عن الاصطياد يوم السبت ولم يقبلوا تلك النذارة مسخهم الله قردة وخنازير، وضرب قلوب بعضهم على بعض، وصاروا يضرب بهم المثل في الخزي والمذلة.

الحذر الحذر عن التخاذل عن النذارة.. الحذر الحذر عن التخاذل عن قبول النذارة، النذارة تعتبر في الحقيقة وقاية من كل شر، ومن كل فتنة، ولهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنذرنا كثيراً من الفتن، وحذرنا منها، وقال عليه الصلاة والسلام: «ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي من استشرف لها تستشرفه، فمن وجد ملجئاً أو معاذاً فليعذ به»، هذه نذارة افهمها، رسول الله صلى الله عليه وسلم ينذرك أن تستشرف للفتنة، فإنها تستشرفك، قال أهل العلم: معناها تهلكه.

وهكذا أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أننا نبادر بالأعمال ونسارع بها قبل حصول الفتن التي تلتبس على الناس قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً»، سرعان ما يتقلب الناس بسبب الفتن، رُب إنسان بين ساعة وأخرى قد انقلب من مسلم إلى كافر، أو كافر إلى مسلم من شدة الفتن، وهكذا قد انقلب من سُني إلى مبتدع أو إلى صاحب دنيا أو إلى غير ذلك؛ لشدة الفتن والتباسها على الناس، بسبب شبهة أو فتنة: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ..﴾[آل عمران:7] الآيات.

انتبه! أنت محذر ومنذر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، حذيفة رضي الله عنه قال: «كان الناس يسألون عن الخير، وكنت أسأل عن الشر مخافة أن يدركني، قلت: يا رسول الله! كنا في جاهلية وشر، وجاء الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم..» الحديث بطوله.

والشاهد منه: أن الإنسان يتوقى بتعلمه، ويتفقه بتفقه، الفتن! ما يتفقه ويكون بفقهه يرتكس فيها، الفقه الأصل فيه: أنه لهذا الدين، وأنه يقي صاحبه الفتن.

رسول الله صلى الله عليه وسلم أنذر الخوارج، قال: «.. كلاب النار» حذرهم، وأنذر منهم ومن فتنتهم بل واعتبر القتال في هذا الدين وقاية من الفتن: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ﴾[البقرة:193]، فالقتال شرعه الله للكافرين والمشركين، اتقاء للفتنة التي تحصل في الدين، الموت خير لك من أن تفتن، فقد أنذرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك: «اثنتان يكرههما ابن آدم وهما خير له، يكره الموت والموت خير له من الفتنة، ويكره قلة المال، وقلة المال أقل عند الحساب»، ما أسرع ما يفتن الناس! بأمور كثير حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من تلك الأمور أعظم تحذير وأبلغ نذير، وقبل ذلك كتاب الله عز وجل.

أيها الناس! لقد تكاثرت الفتن بالدنيا والنساء والبدع والشهوات، والشبهات، فقد قال عليه الصلاة والسلام: «إن الدنيا حلوة خضرة، وأن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء» من حديث أبي سعيد رضي الله عنه، وقال عليه الصلاة والسلام: «لكل أمة فتنة، وفتنة أمتي المال»، ما أسرع فتنة هذه الأمة بالمال! وما أسرع تقلب هذه الأمة بالمال، ليس معناه: أن ما فتن أولئك بالمال، ولكن هذه الأمة فتنتها بالمال أشد، قال عليه الصلاة والسلام: «والله لتصبنّ عليكم الدنيا صباً حتى ما يزيغ قلب أحدكم إزاغة إلا هي».

فتن كثيرة كقطع الليل المظلم، في الصحيحين من حديث زينب بنت جحش رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هاتين، وحلق بين إصبعيه الإبهام والتي تليها، قالوا: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث»، حتى يأجوج ومأجوج يحذرون رسول الله صلى الله عليه وسلم وينذرون منهم، وهكذا جميع أنبياء الله، ينذرون من فتن آتية في آخر هذه الأمة منها: الدجال، قال عليه الصلاة والسلام: «ما من نبي إلا حذر الله أمته، أنذره نوح ومن بعده، ألا وإنه أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية»، فأنذر النبي صلى الله عليه وسلم الدجال بنذارات بليغة، كما في حديث النواس بن سمعان: وقال: «إنه خارج خلة بين الشام والعراق، فعاث يميناً وعاث شمالاً، يا عباد الله فاثبتوا»، كل هذا من باب النذارة لهذه الأمة، لا تقع في الهلكة، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾[الأنفال:25].

الخطبة الثانية:

الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

إذا علم ما تقدم فليعلم أن من نذارات رسول الله صلى الله عليه وسلم بيان المخارج من تلك الفتن التي تلتبس على الناس، وأن أعظم مخرج منها هو تقوى الله، قال ربنا في كتابه الكريم: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾[الطلاق:3].

ومن تلك المخارج التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم من نذارته لهذه الأمة، وبشارته لهم: أنك تحفظ الله عز وجل، وحفظ الله عز وجل أي: تحفظ دينك، هذا من النذارة التي تسلم بها، قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله..» الحديث، فإذا حفظت الله حفظك الله من الفتن، وجعلك تعمل بما بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنذر، ومما أبانه رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوم الطائفة كما بوب على ذلك شيخنا رحمة الله عليه في الجامع الصحيح: (باب لزوم الطائفة المنصورة عند الفتن) هذا غفل عنه كثير من الناس، وارتكس من أجل ذلك كثير من الناس، وقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يلزم الجماعة عند الفتن، لما أخبره بالفتن، دله على المخرج، قال: «فإن لم أجد جماعة ولا إمام؟ قال: اعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة»، ولا تزال الطائفة موجودة، يجب الاعتصام بالله عز وجل وبحبله، ثم سلوك طريق هذه الطائفة تسلم.. تسلم.. تسلم!

ومما يدل على ذلك: «لا تزال طائفة على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم، ولا من خذلهم إلى قيام الساعة»، الطائفة سائرة، والمخذلون من كل جانب، ولا ضرر على الطائفة بإذن الله عز وجل حتى تقرب قرب الساعة وحتى يذهب الخير كله، وهذا يؤيده قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك أن يأتي زمان يخرج أناس ذهبت أماناتهم واختلفوا فكانوا هكذا وشبك بين أصابعه، قالوا: ما المخرج يا رسول الله؟ قال: تلزمون أمر خاصتكم، وتذرون أمر عامتكم، وتأخذون ما تعرفون وتذرون ما تنكرون»، إن من السلامة أن تثبت على ما هو معروف لديك من الحق بالكتاب وبالسنة ولا تتقلد، هذا من السلامة إن ابتغيتها.

وقد دل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن ذكر الفتن كما في حديث العرباض قال النبي صلى الله عليه وسلم: «.. فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور»، احذر أهل الفتن، فإن خالطهم كنت منهم، ففي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على راهب فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفساً فهل له من توبة؟ فقال: لا، فقتله فكمل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ فقال: نعم ومن يحول بينه وبين التوبة؟..»، ثم أرشده إلى المخرج من تلك الفتن المظلمة التي تورط فيها بقتل مائة نفس؛ بسبب أنه معايش للفتن، يا أخي! إذا عايشت أهل الفتن لا تسلم، «مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير..» الحديث.

فقال له: «.. انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب..»، وكان الله عز وجل قد جعله ينوء بصدره إلى الأرض التي أراد، أرض الخير، أرض السلامة من الفتن، أرض الهدى، وقد جنبه وباعده من أرض الشر، وأرض الفتن قيد شبر، «.. فأخذته ملائكة الرحمة»؛ لأنه أقرب إلى الأرض التي أراد، كذا قضي بين أولئك الملائكة عليهم الصلاة والسلام.

افهم هذا تنجُ من الفتن، فإنما أكثر ما يلتبس عليه الأمر، ويرتكس في الفتن بهذا الأمر المهم، الذي قد أخبر الله أن صاحبه يوم القيامة يعض على يديه ندماً: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولًا﴾[الفرقان:27-29]، يوم القيامة يتبرأ منك الذي فتنك، ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ﴾[البقرة:166]، ﴿وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾[البقرة:167].

إنها حسرات وندامات على من لا يقبل النذارة والبشارة، وقال الله سبحانه: ﴿فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لتُرْدِينِ * وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾[الصافات:50-57] أي: كنت عندك، وقال: ﴿يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا * إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا * يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا﴾[الأحزاب:63-68].

هذه كلها ندامات وحسرات على من لم يقبل النذارة: ﴿يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا﴾[الفرقان:28]، ﴿يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ﴾[الحاقة:27-29]، وهكذا من الندامات والتولول الذي يحصل ممن لم ينتبه لهذه الحياة، ولم ينتبه للنذارة والبشارة فإنه والله يقع في عظيم الخسارة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾[المنافقون:9].ا.هـ