الأحد ، ١٩ مايو ٢٠٢٤ -
المقالات

ما حال حديث «لَوْ كَانَ ‌بَعْدِي ‌نَبِيُّ ‌لَكَانَ ‌عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ»

2024/05/08




بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة شيخنا يحيى الحجوري _حفظكم الله:

سائل يقول ما حال حديث «لَوْ كَانَ ‌بَعْدِي ‌نَبِيُّ ‌لَكَانَ ‌عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ»

الجواب: هذا الحديث أخرجه الترمذي واستغربه، فقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ مِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ. اهـ، والحديث منكر من رواية مشرح، عن عقبة، وقد قال ابن حبان: يروي عن عقبة مناكير لا يتابع عليها، فالصواب ترك ما انفرد به. اهـ، وهذا الحديث مما تفرد به عن عقبة، وأَمَّا متابعة أبي عشّانة بن يؤمن له عند الطبراني في الكبير (17/ 310) (رقم: 8570)، فهي من طريق يحيى بن كثير الناجي، عن ابن لهيعة، عن أبي عشانة، عن عقبة به، وابن لهيعة ضعيف، وقد اضطرب في إسناده فتارة يرويه عن مشرح نفسه، كما أخرجه أحمد في فضائل الصحابة (498)، وتارة عن أبي عشانة كما سبق عند الطبراني، وقد أنكر هذا الحديث الإمام أحمد كما في المنتخب من علل الخلال، فقال: اضرب عليه، فإنه عندي منكر، ومن بابه حديثان شديدا الضعف: أحدهما: فيه الفضل بن المختار، قال أبو حاتم: أحاديثه منكرة يحدث بالأباطيل، وقال الأزدي: منكر الحديث جدا، وقال ابن عَدِي: أحاديثه منكرة عامتها لا يتابع عليها، والآخر: فيه عبد المنعم بن بشير، اتهمه ابن معين، وقال ابن حبان: منكر الحديث جدا، لا يجوز الاحتجاج به كما في الميزان.

فالحاصل: أَنَّ حديث عقبة هذا شديد الضعف وما في بابه مثله في الضعف، ولعل من حسنه كالعلامة الألباني رحمه الله لم يطلع على ما قيل في رواية مشرح عن عقبة إنها منكرة، ولا على ما قاله الإمام أحمد إن الحديث منكر؛ بدليل أَنَّه لم يذكر هذا في الصحيحة (327) ويدفعه كما هو عادته رحمه الله فيما يقصد الدفاع عنه، ولو ثبت الحديث لكان توجيهه كما قال الكلاباذي في الفوائد: ثُمَّ لَمْ يُخْبِرِ النَّبِيُّ أَنْ لَوَ كَانَ بَعْدَهُ ‌نَبِيٌّ لَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَوْ عَلِيٌّ، وَلَكِنْ قَالَ ذَلِكَ لِعُمَرَ، لِيَعْلَمَ أَنَّ النُّبُوَّةَ بِالْمَشِيئَةِ وَالِاصْطِفَاءِ لَا بِالْأَسْبَابِ. وَقَوْلُهُ: «لَوْ كَانَ ‌بَعْدِي ‌نَبِيٌّ ‌لَكَانَ ‌عُمَرَ» لَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا.. اهـ

ونقله الْمُنَاوِيُّ فقال: فِيهِ إبَانَةُ مَا فِي عُمَرَ مِنْ فَضْلِ .... فَلَوْ كَانَتْ النُّبُوَّةُ بِالْأَوْصَافِ الْمُكْتَسَبَةِ لَا بِالْفَضْلِ الْإِلَهِيِّ ‌لَكَانَ ‌نَبِيًّا لِجَمْعِهِ جَمِيعَ أَوْصَافِ الْأَنْبِيَاءِ كَقُوَّتِهِ فِي دِينِ اللَّهِ وَبَذْلِهِ نَفْسَهُ وَمَالَهُ فِي إظْهَارِ الْحَقِّ وَإِعْرَاضِهِ عَنْ الدُّنْيَا مَعَ تَمَكُّنِهِ ثُمَّ قَالَ وَخَصَّ عُمَرَ مَعَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَفْضَلُ إيذَانًا بِأَنَّ النُّبُوَّةَ بِالِاصْطِفَاءِ لَا بِالْأَسْبَابِ. اهـ

ليلة الأربعاء ٢٩/شوال/١٤٤٥هجرية

 

وهذا مأخوذ من بحث مختصر بعنوان:" الجواب بأن النبوة اصطفاء ماهي اكتساب"، كانت بتاريخ ٣٠/رجب/ 1443هجرية