الاربعاء ، ١٦ اكتوبر ٢٠٢٤ -
المقالات

شيخنا حفظكم الله من أجمل يوسف عليه السلام أم نبينا محمد ﷺ

2020/07/16

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

شيخنا حفظكم الله من أجمل يوسف عليه السلام أم نبينا محمد ﷺ.

 

الجواب:

نبينا ﷺ أجمل هذه الأمة لقول البراء: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وَأَحْسَنَهُمْ خَلْقًا لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الذَّاهِبِ وَلَا بِالْقَصِيرِ» أخرجه مسلم (2337) وفي لفظ عند أحمد: «مَا رَأَيْتُ رَجُلًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ».

ويوسف عليه السلام أجمل الأنبياء لحديث أنس في مسلم (162) أن النبي ﷺ قال ليلة عرج به: فَإِذَا أَنَا بِيُوسُفَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا هُوَ قَدِ اُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ،

وقد تأولوه أنه أعطي شطر حسن نبينا قال العيني في عمدة القاري (17/26) عن هذا التأويل: وَفِيه مَا فِيهِ.

وتأول غير ذلك من التأويل كما في الفتح شرح حديث: (3887) قال رحمه الله: وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ وَأبي هُرَيْرَة عِنْد بن عَائِذٍ وَالطَّبَرَانِيِّ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ قَدْ فَضَلَ النَّاسَ بِالْحُسْنِ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ وَهَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ أَحْسَنَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ لَكِنْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا حَسَنَ الْوَجْهِ حَسَنَ الصَّوْتِ وَكَانَ نَبِيُّكُمْ أَحْسَنَهُمْ وَجْهًا وَأَحْسَنَهُمْ صَوْتًا فَعَلَى هَذَا فَيُحْمَلُ حَدِيثُ الْمِعْرَاجِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمُتَكَلّم لا يدخل فِي عُمُومِ خِطَابِهِ وَأَمَّا حَدِيثُ الْبَابِ فَقَدْ حمله بن الْمُنِيرِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ يُوسُفَ أُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ الَّذِي أُوتِيهِ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قلت: الحديث الذي ذكره الحافظ أخرجه أبو بكر الشافعي في "الغيلانيات" (329) وابن عدي في الكامل (3/362) من طريق العباس بن يزيد البحراني: حدثنا نوح بن قيس قال حدثنا حسام بن مصك عن قتادة عن أنس قال: ما بعث الله نبيا قط إلا حسن الوجه حسن الصوت، وكان نبيكم حسن الوجه حسن الصوت غير أنه لا يرجع.

قال ابن عدي: وهذا لا أعلم أحدا جوّد إسناده ويوصله غير عباس البحراني وغيره أرسله"

وأخرجه الترمذي في الشمائل (313) من طريق قتيبة بن سعيد البلخي عن نوح بن قيس به دون ذكر أنس فيه.

قال الدارقطني في العلل (2570): يَرويه حُسام بن مِصَك، واختُلِف عَنه؛

فرَواه نُوح بن قَيس، عَن حُسام بن مِصَك، عَن قَتادة، عَن أَنس، قاله العَباس بن يَزيد البَحراني عَنه.

وخالَفه مُحمد بن يَزيد الواسِطي، وغَيرُه، فرَوَوه عَن حُسام، قَولَهُ.

وكَذلك رَواه سَعيد بن بَشير، عَن قَتادة، قَولهُ، وهو الصَّوابُ.

والحديث ضعيف سواء المتصل أم المرسل فإن في سنده حسام بن مصك قال الحافظ في التقريب: ضعيف يكاد أن يترك قلت بل قد تُرك قال أحمد: مطروح الحديث، وقال أبو زرعة: واهي الحديث منكر الحديث، وقال النسائي وغيره: ضعيف، وقال الدارقطني: متروك الحديث. اهـ

وليس ثم حديث صحيح يعارض به ما عند مسلم لذا كان مفاد كلام ابن تيمية أن يوسف أجمل حيث قال في منهاج السنة (5/317):

وَيُوسُفُ الصِّدِّيقُ، وَإِنْ كَانَ أَجْمَلَ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَفِي الصَّحِيحِ: " «أَنَّهُ أُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ» "، فَلَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ، بَلْ غَيْرُهُ أَفْضَلُ مِنْهُ، كَإِبْرَاهِيمَ، وَإِسْمَاعِيلَ، وَإِسْحَاقَ، وَيَعْقُوبَ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، وَمُحَمَّدٍ، - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - وَيُوسُفُ، وَإِنْ كَانَتْ صُورَتُهُ أَجْمَلَ، فَإِنَّ إِيمَانَ هَؤُلَاءِ وَأَعْمَالَهُمْ كَانَتْ أَفْضَلَ مِنْ إِيمَانِهِ وَعَمَلِهِ.

وقال رحمه الله في الاستقامة (1/349): مُجَرّد الْحسن لَا يثيب الله عَلَيْهِ وَلَا يُعَاقب وَلَو كَانَ كَذَلِك كَانَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام لمُجَرّد حسنه أفضل من غَيره من الانبياء

وقال ابن القيم في بدائع الفوائد (3/206): والظاهر أن معناه أن يوسف عليه السلام اختص على الناس بشطر الحسن واشترك الناس كلهم في شطره فانفرد عنهم بشطره وحده وهذا ظاهر اللفظ فلم إذا يعدل عنه واللام في الحسن للجنس لا للحسن المعين والمعهود المختص بالنبي صلى الله عليه وسلم أدري ما الذي حملهم علي العدول عن هذا إلى ما ذكروه وحديث أنس لا ينافى هذا بل يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الأنبياء وجها وأحسنهم صوتا ولا يلزم من كونه أحسنهم وجها أن لا يكون يوسف اختص عن الناس بشطر الحسن واشتركوا هم في الشطر الآخر ويكون النبي صلى الله عليه وسلم شارك يوسف فيما اختص به من الشطر وزاد عليه بحسن آخر من الشطر الثاني والله أعلم.

وقال الصنعاني في التنوير (2/496): فالقائل أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - أعطي أكثر مما أعطي يوسف من الحسن يحتاج إلى دليل. ا.هـ

قلت: وقد اختلفوا في أيهما أجمل آدم أم يوسف عليهما السلام فكلام شيخ الإسلام المتقدم فيه أن يوسف أجمل من غيره من الأنبياء.

وخالف ابن كثير فقال في البداية والنهاية (1/109): وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: " فَمَرَرْتُ بِيُوسُفَ وَإِذَا هُوَ قَدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ " قَالُوا مَعْنَاهُ أنَّه كَانَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ حُسْنِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ * وَهَذَا مُنَاسِبٌ؛ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ وَصَوَّرَهُ بِيَدِهِ الْكَرِيمَةِ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ فَمَا كَانَ ليخلق إلا أحسن الأشباه.

وقال في (1/236): وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ: " فَمَرَرْتُ بِيُوسُفَ وَإِذَا هُوَ قَدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ ".

قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ: مَعْنَاهُ أنَّه كَانَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ حُسْنِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لأنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ فَكَانَ فِي غَايَةِ نِهَايَاتِ الْحُسْنِ الْبَشَرِيِّ، وَلِهَذَا يَدْخُلُ أَهْلُ الجنَّة الجنَّة عَلَى طُولِ آدَمَ وَحُسْنِهِ، وَيُوسُفُ كَانَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ حُسْنِ آدَمَ.

وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا أَحْسَنُ مِنْهُمَا، كَمَا أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ أُنْثَى بَعْدَ حَوَّاءَ أَشَبْهَ بِهَا مِنْ سَارَةَ امْرَأَةِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ. اهـ

وقال المقري في  الحقائق والرقائق كما نقله عنه التلمساني في نفح الطيب (5/320): أعطي يوسف شطر الحسن يعني حسن آدم لأنه إن لم يكن في الإمكان أبدع مما كان فقد خلقه الحق بيده في أحسن تقويم ثم نفخ فيه من روحه لتتم علة الأمر بسجود التحية والتكريم فكان كما قال من أنزل عليه الفرقان خلق الله آدم على صورة الرحمن فآدم إذا كمال الحسن وإلا فهو المراد لأن الشطر يقتضي الحصر والنصف ينزع عن الوصف وأعطي محمد كمال الجمال فما أبصره أحد إلا هابه وتمام الملاحة فما عرفه شخص إلا أحبه مع أنباء نوره في الآباء بأن أبوه المعنى لسيد نجباء الأبناء كما قال العارف عمر:

وإني وإن كنت ابن آدم صورة  *** فلي فيه معنى شاهد بأبوتي

 

واستدل من قال إن آدم أجمل من جميع ذريته بالحديث المتفق عليه عند البخاري (3326) ومسلم (2841): وفيه: فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ، فَلَمْ يَزَلِ الخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الآنَ.

قال العراقي في طرح التثريب: أي على صفته وهذا يدل على أن صفات النقص التي تكون في الآدميين في الدنيا من السواد ونحوه تنتفي عنه عند دخول الجنة فلا يكون إلا على أكمل الحالات وأحسن الهيئات.

وقال المناوي في فيض القدير (3/446): أي على صفته في الحسن والجمال والطول. اهـ

 

والظاهر أن المراد به صفته في الطول ويؤيد ذلك ما أخرجه البخاري (3327) ومسلم (2834) واللفظ له بلفظ: أَخْلَاقُهُمْ على خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ على طُولِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا».

قال ابن القيم في حادي الأرواح (104) والأخلاق كما تكون جمعا للخلق بالضم فهي جمع للخلق بالفتح والمراد تساويهم في الطول والعرض والسن وإن تفاوتوا في الحسن والجمال ولهذا فسره بقوله على صورة أبيهم آدم عليه السلام ستون ذراعا في السماء. اهـ

وقد جاء حديث فيه أنهم يدخلون الجنة على صورة يوسف أخرجه الطبراني في الكبير (20/280) رقم: (663) ومسند الشاميين (1839) والبيهقي في البعث والنشور (1/437) وابن بشران في الأمالي (1431) من طريق إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زِبْرِيقٍ الْحِمْصِيُّ، ثنا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، ثنا سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، أَنَّ الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي كَرِبٍ بلفظ: ما من أحد يموت سقطا و لا هرما - و إنما الناس فيما بين ذلك - إلا بعث ابن ثلاثين سنة، فإن كان من أهل الجنة كان على مسحة آدم، و صورة يوسف، و قلب أيوب، و من كان من أهل النار عظموا، أو فخموا كالجبال ".

وسقط قي بعض نسخ البعث والنشور من إسناده سليم بن عامر، وإسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن زبريق، قال عنه الحافظ في التقريب: " صدوق يهم كثيرا و أطلق محمد بن عوف أنه يكذب.

وعمرو بن الحارث الحمصي قال الذهبي في الميزان عن عَبد الله بن سالم الأشعري فقط.

وله عنه نسخة، تفرد بالرواية عنه إسحاق بن إبراهيم زبريق، ومولاة له اسمها علوة، فهو غير معروف العدالة. اهـ

وذكره في الثقات وقال: يروى عن عبد الله بن سالم الأشعري عن الزبيدي روى عنه إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن زبريق وأهل بلده ، مستقيم الحديث. وهذا التعديل مقبول من ابن حبان كما أبانه المعلمي في التنكيل حيث قال في مثل هذه الصيغة: لا تقل عن توثيق غيره من الأئمة بل لعلها أثبت من توثيق كثير منهم، فبقي علة الحديث إسحاق بن إبراهيم.

وله طريق أخرى أخرجها أبو يعلى كما في المطالب العالية (4626) وابن قانع في معجم الصحابة (1925) وأبو نعيم في صفة الجنة (268) عَنْ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ، حَدَّثَنِي أَبُو يَحْيَى الْكُلَاعِيُّ، قَالَ: أَتَيْتُ الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي كَرِبَ وفي إسناده يزيد بن سنان الرهاوي وهو ضعيف.

وجاء من حديث أنس رضي الله عنه أخرجه ابن عساكر في تأريخه (22/223) وفيه مجاهيل.

وله طريق أخرى أخرجها ابن أبي الدنيا في صفة الجنة (220) وفيها رواد بن الجراح الشامي ضعيف

والحديث في الصحيحة للعلامة الألباني رحمه الله (2512)، والذي رجح لي ضعف لفظ أنهم يدخلون الجنة على حسن يوسف عليه السلام فيما سبق من تلك الطرق.

وبالله التوفيق.

 

الخميس 25 ذو القعدة 1441هجرية