الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ -
المقالات

الإِيضَاح لِماَ عِنْدَ عُبَيْدِ الجْاَبِرِيِّ مِنَ الجْاَهِلِيَّةِ وَالْكَذِبِ الصُّرَاح !

2011/10/05

 

الإِيضَاح !
 لِماَ عِنْدَ عُبَيْدِ الجْاَبِرِيِّ
 مِنَ الجْاَهِلِيَّةِ وَالْكَذِبِ الصُّرَاح
 
 
 
 
 
لِفَضِيلَةِ الشَّيِخِ العَلاَّمَةَ
أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَحْيَى بْنِ عَلِيِّ الْحَجُورِيّ
حفظه الله تعالى


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وأشهد أن لا إله إلاّ الله, وأَنَّ محمداً عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه, أمّا بعد:
فمن ضمن أكاذيب عُبيد الجابري, وبذاءته وجهالاته ما نُشِرَ عنه عن طريق اتصال هاتفي له (يوم الأحد) بتاريخ: (4/ذو القعدة/1432هـ), شحنه كعادته بالسبّ والشتم وغيره من الهذرمة والهذيان الّذي يُنْبئ عن احتراقه من بيانات أهل السنّة لتحزّبه وتلقّنه وجهالاته وضلالاته.
والقصد في هذه العجالة إيضاح أربع من كذبات عُبيد الجابري الكثيرة الّتي يئتفكها - وغيرها من أوّل فتنته إلى الآن- عن أسياده وملقّنيه ذوي الحزب المرعي ّالعدنيّ.
• ممّا قال عُبيد الجابري:
«وقد ذكرت في بعض المواطن أنّ نشأته ليست علميّة، نشأة الحجوري سوقيّة لأنّه كان يعمل في المملكة العربيّة السعوديّة أعمالاً كان يعمل حِرْفياً.
فرواية تقول إنّه كان يعمل في ورشة سيارات.
ورواية تقول: إنّه يعمل في محلات رخيصة السعر يسمونها كلّ شيء بريالين أو كلّ شيء بخمس ريال».
• فهاتان كذبتان, وأتى بالثالثة بعدها مباشرة بقوله:
«لكن لما حدثت حرب الخليج الثانية ودعت الحكومة اليمانية رعاياها من السعوديّة إلى العودة، عاد هو ضمن من عاد فحضر إلى مركز دمّاج».
قلتُ:
وحادثة الخليج المذكورة معروفة عند الناس كانت في سنة (1411هـ), بعد خروجي لطلب العلم في دمّاج عند شيخنا رحمه الله بعدد سنين, وحينها قد كنت بفضل الله أكملت حفظ القرآن الكريم ورياض الصالحين, وبعض مما يسّره الله من حفظ المتون المختصرة, وكنت حينها أطلب العلم وأدرس إخواني طلاّب العلم في بعض الدروس الخاصة, ولله الحمد والمنّة.
• والكذبة الرابعة:
قوله: «وقد طرده الشيخ مقبل -رحمه الله–، حدثت منه تصرفات جعلت الشيخ يطرده فتوسّط له بالبقاء: أخونا (الشيخ عبد الرحمن ابن عمر ابن مرعي)».
قلتُ:
وهذا والله كلّه كذب مفضوح ! فلم أعمل في دكان (أبو ريالين) ولا (أبو خمسة) ولا في (ورشة سيارات), ولم يطردني الشيخ رحمه الله تعالى يوماً من الدّهر.
بل كان لي مُحباًّ مُحترماً, وكنتُ له مُحباًّ مُجلاًّ, وكنتُ إماما للصّلاة أصلّي بهم في رمضان وفي غيره.
وجعلني –رحمه الله تعالى- أنوب عنه في حال غيابه ومرضه, وإذا قمتُ إلى الدرس وهو مريض, ربما يمرّ على المتأخرين في آخر الدرس فيقدِّمهم للأَمام ويقول لهم: (الدرس ! الدرس !), وينصرف إلى البيت, وبعض الأوقات يجلس في الحلقة يستمع.
وهذا كله من تواضعه الجمّ رحمه الله تعالى, وكلّ من كان حاضراً يعرف ذلك وكان يحيل كثيراً من السائلين إليَّ ؛ فأجيبهم خطياًّ وتعرض عليه فيختمها ويثني خيراً.
وقد تعوّدنا منه المناقشة في الدروس في بعض المسائل, فتارة يكون منبسطاً فيقبل النقاش, وتارة يقول: (اسكت يا فلان) أو (اجلس يا فلان) ويمضي في الدرس, وكل ذلك عندنا تعليم وتأديب من معلّم جليل لتلاميذه من محبّهم ومربّيهم. ومزيداً على ذلك:
انظر برهان ما كان بيني وبينه من المحبّة في مقدماته رحمه الله تعالى لكتبي، كمقدمة كتاب: "أحكام الجمعة" ؛ الّتي قدّم لها في مرض موته رحمه الله ؛ و مما قال فيها: «ولما وصلني كتاب أخينا يحيى، فلمحبتي له أقرأ الكتاب وأنا مستلق على قفاي لأمور يعلمها الله ...»الخ .
ذكرتُ هذا وأنا والله لا أحبّ أن أذكره, ولكن ألجأنا إليه حسد وفجور عُبيد الجابري وأساتذته الملقّنين له هذه الأكاذيب.
• وأقول من المهمّ أن أُذكِّر هذا الرجل وغيره من الكذّابين بأمور:
¬أولاً:
إِنّ الكذب كبيرة من كبائر الذنوب قال الله عز وجل: ﴿إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَأُوْلَئِكَ همُ الْكَاذِبُونَ﴾[النحل:105].
والكذب من موانع الهداية, قال تعالى:﴿إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ﴾[غافر:28].
والكذب يتجارى بصاحبه حتّى يكتب عند الله كذاباً, كما في الصحيحين من حديث عَبْدِ اللَّهِ  ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عليكم بالصدق,  فإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا».
والكذب ريبة، كما ثبت من حديث الحسن بن علي رضي الله عنه قال حفظت من رسول الله صلى الله عليه و سلم: «دع ما يريبك إلى مالا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة».
الكذب مذموم في الجاهلية وفي الإسلام وفي سائر الملل, قال أبو سفيان رضي الله عنه قبل أن يسلم: «وَاللهِ لَوْلا الْحَيَاءُ يَوْمَئِذٍ مِنْ أَنْ يَأْثُرَ أَصْحَابِي عَنِّي الْكَذِبَ لَكَذَبْتُهُ حِينَ سَأَلَنِي عَنْهُ، وَلَكِنِّي اسْتَحْيَيْتُ أَنْ يَأْثُرُوا الْكَذِبَ عَنِّي», تحاشى الكذب وهو آنذاك كان مشركاً.
وأقوامٌ في هذه الأزمنة لا يتحرّون الصدق ولا يتحاشون من الكذب .
وفي صحيح البخاري من حديث سمرة  بن جندب رضي الله عنه  لما أُسري بالنبي صلى الله عليه وسلم قال له جبريل عليه السلام: «أَمَّا الَّذِي رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يُحَدِّثُ بِالْكَذْبَةِ فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الْآفَاقَ فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».
والله عزّ وجلّ يقول في كتابه العزيز: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾[التوبة:119].
ويقول سبحانه: ﴿فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾[محمد:21].
وما أحسن ما قيل:
الصدق حلو وهو المر    والصدق لا يتركه الحر
جوهرة الصدق لها زينة     يحسدها الياقوت والدر
أما الكذب ففضيحة على صاحبه في الدنيا والآخرة.
وهذا ليس باب النصر, بل هو باب الهزيمة, لأنّه كبيرة من كبائر الذنوب, أجمع المسلمون و أجمعت الملل على تحريم الكذب.
والله عزّ وجلّ  يقول في كتابه الكريم: ﴿وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ﴾[يونس:27].
 ومن أشدّ السيئات الكذب, فإنّه من أسباب المذلة والمهانة, فتجب التوبة إلى الله عزّ وجلّ من جميع الذنوب ومن أعظمها الكذب.
وهذا كلامٌ لابن القيم رحمه الله  في كتابه الفوائد. يناسب ذكره هنا, نصيحةً لمن أراد الله له السلامة من هذه الكبيرة:
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه: "الفوائد"(ص/156):
«إياك والكذب فإنه يفسد عليك تصور المعلومات على ما هي عليه ويفسد عليك تصورها وتعليمها للناس, فإن الكاذب يصور المعدوم موجوداً والموجود معدوماً والحق باطلاً والباطل حقاً والخير شراً والشر خيراً, فيفسد عليه تصوره وعلمه عقوبة له, ثم يصور ذلك في نفس المخاطب المغتر به الراكن إليه فيفسد عليه تصوره وعلمه, ونفس الكاذب مُعرضة عن الحقيقة الموجودة نزاعة إلى العدم مؤثرة للباطل, وإذا فسدت عليه قوة تصوره وعلمه التي هي مبدأ كل فعل إرادي فسدت عليه تلك الأفعال,  وسرى حكم الكذب إليها, فصار صدورها عنه كصدور الكذب عن اللسان فلا ينتفع بلسانه ولا بأعماله,  ولهذا كان الكذب أساس الفجور كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: « إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار». انتهى المراد
¬الأمر الثاني مما يلزم بيانه والتذكير لهذا الرجل وغيره به:
أنّه لا يجوز الاعتماد على رواية الكذابين, وأَنَّ من تعمّد نقل رواياتهم صار كذّاباً. وأصل ذلك أدلة كثيرة منها ما أخرجه الإمام مسلم رحمه الله في مقدمة صحيحه مرسلاً ومتّصلاً, من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كفى بالمرء كذباً أن يحدّث بكلّ ما سمع».
قال رحمه الله: وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا هشيم عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: «بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع».
وحدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن عبدالله بن عمرو بن سرح قال أخبرنا ابن وهب قال: قال لي مالك: «اعلم أنّه ليس يسلم رجل حدّث بكل ما سمع ولا يكون إماماً أبداً وهو يحدّث بكلّ ما سمع».
حدّثنا محمد بن المثنى قال حدثنا عبد الرحمن قال حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: «بحسب المرء من الكذب أن يحدّث بكلّ ما سمع».
وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا عمر بن علي بن مقدم عن سفيان بن حسين قال سألني إياس بن معاوية فقال: «إني أراك قد كلّفت بعلم القرآن فاقرأ عليَّ سورة وفسّر حتّى أنظر فيما علمتَ», قال: «ففعلتُ», فقال لي: «احفظ عليّ ما أقول لك: إياك والشناعة في الحديث فإنّه قَلّما حملها أحد إلاّ ذلّ في نفسه وكذب في حديثه».
وقال رحمه الله: وحدثني حرملة بن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن عمران التجيبي قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثني أبو شريح أنه سمع شراحيل بن يزيد يقول: أخبرني مسلم بن يسار أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «يكون في آخر الزمان دجالون كذّابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم لا يضلونكم ولا يفتنونكم». اهـ
وبهذا يعلم أَنَّ الرواية عن الكذّابين سبيل ضلال وفتنة.
وهذا الّذي استفاده عُبيد الجابري وغيره ممّن أخذ هذه الروايات المكذوبة من هؤلاء الكذّابين, فما زالوا يلقّنونهم الكذبة تلو الكذبة حتّى أوصلوهم إلى هذا الضلال والكذب والفتنة في الدعوة عليهم وعلى غيرهم, وواقع حالهم خير شاهد.
ويُعلم أيضاً أَنَّ من تعمّد الرواية عن الكذّابين وترويج كذبهم لا سيما وقد بُيِّنَ له كذبهم وهو مصرٌّ على النقل عنهم أنه كذّابٌ مثلهم ويلحق في الحكم بهم.
قال الخطيب رحمه الله: «يجب على المحدث أَن لا يروي شيئاً من الأخبار المصنوعة والأحاديث الباطلة ؛ فمن فعل ذلك باء بالإثم المبين، ودخل في جملة الكذابين». اهـ من "شرح ألفية السيوطي"( ج1/304).
وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: «ولقد ردّ الله كيد هؤلاء الوضاعين والكذّابين بأخبار أخيار فضحوهم وكشفوا قبايحهم وما كذب أحد قط إلاّ وافتضح، ويكفى الكاذب أن القلوب تأبى قبول قوله، فإن الباطل مظلم وعلى الحق نور وهذا في العاجل، وأما في الآخرة فخسرانهم فيها متحقق» اهـ من مقدمة كتابه: "الموضوعات"(ج1/38).
وانظر موفّقاً ما ذكره أئمة الحديث في ردّ حديث وأقوال وخرم عدالة من يكذب في حديث الناس، وعدم قبول روايته وشهادته, وعلى خلاف في قبول ذلك ولو بعد توبته من الكذب.
وبعد أن ذكرت  لك أيّها القارئ  هذه النبذة المهمّة سائلاً الله عزّ وجلّ لنا ولك التوفيق ؛ فمن المهمّ أن أذكر لك نبذة أخرى عن فضيلة الاحتراف النزيه وكسب الحلال سواء كان ذلك العمل في ورشة سيارات، أو تجارة، أو صناعة، أو نجارة،  أو عمل تسليح العمائر بالحديد، أو غير ذلك من الحرف النزيهة, وكسب الرزق الحلال, وأَنَّ التنقّص بذلك كما تراه في كلام عُبيد ؛ من التشبّه بالجاهلية وانتقاص ما منّ الله عزّ وجلّ به على أممٍ من أنبياء الله ورسله وعباده المؤمنين من الصحابة ومن بعدهم من أهل الحديث رحمهم الله,  أذكر ذلك على سبيل الإيجاز ؛ وإلاّ فهذا الموضوع واسع تناولنا بعض أدلته في رسالةٍ مختصرة بعنوان: "نصيحة للتجار بالبعد عن نشر الأضرار"., وأخرى بعنوان: "شرعية طلب الحلال وبيان حكم حشيشة الفجور والضلال"
فمنه ما أخرج الإمام الترمذي في جامعه برقم (2345) بسند صحيحٍ إلى أنس بن مالك رضي الله عنه, قال: كان أخوان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فكان أحدهما يأتي النبي صلى الله عليه وسلم والآخر يحترف فشكى المحترف أخاه إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال: «لعلك ترزق به».
قال النووي رحمه الله في "رياض الصالحين": «قوله (يحترف): يكتسب ويتسبب».
قلتُ:
وا عُبيد ! أيسعك أن تتنقص هذا الصحابي رضي الله عنه أنّه كان يعمل أعمالاً, وأنّه حِرفي ! بل هل يسعك أن تتنقص أبا بكر الصديق رضي الله عنه الّذي أجمعوا  على أنّه أفضل هذه الأمة بعد نبيّها ؛ بل هل يسعك أن تتنقّص أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام الّذين كانوا يأكلون من كسب أيديهم أنّهم كانوا حِرفيين !!!
قال الإمام البخاري في كتاب (البيوع) من صحيحه: «باب كسب الرجل وعمله بيده:
2070 - حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال حدثني ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال حدثني عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها قالت: لما استخلف أبو بكر الصديق رضي الله عنه  قال: «لقد علم قومي أن حرفتي لم تكن تعجز عن مئونة أهلي وشغلت بأمر المسلمين فسيأكل آل أبي بكر من هذا المال ويحترف للمسلمين فيه».
2071 - حدثني محمد حدثنا عبد الله بن يزيد حدثنا سعيد قال حدثني أبو الأسود عن عروة قال قالت عائشة رضي الله عنها: «كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عمال أنفسهم وكان يكون لهم أرواح فقيل لهم لو اغتسلتم», رواه همام عن هشام عن أبيه عن عائشة.
2072 - حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا عيسى بن يونس عن ثور عن خالد بن معدان عن المقدام رضي الله عنه: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده».
2073 - حدثنا يحيى بن موسى حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أن داود النبي عليه السلام كان لا يأكل إلا من عمل يده».
2074 - حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه».
وساق بعده مثله من حديث الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لأن يأخذ أحدكم أحبله» الحديث، اهـ.
وأخرج مسلم في صحيحه برقم (2379) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كان زكريا عليه السلام نجاراً».
وقال الله عزّ وجلّ ممتناً على نبيّه داود عليه الصلاة والسلام: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ﴾[الأنبياء:80].
وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّردِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾[سبأ:11].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله: «وهي الدروع. وقوله تعالى: ﴿وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾: هذا إرشاد من الله لنبيه داود، عليه السلام، في تعليمه صنعة الدروع». اهـ
وقال الإمام البخاري في كتاب (البيوع) برقم (2049):
حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا زهير، حدثنا حميد، عن أنس رضي الله عنه قال: قدم عبد الرحمن بن عوف المدينة فآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري، وكان سعد ذا غنى فقال لعبد الرحمن: (أقاسمك مالي نصفين وأزوّجك)، قال: (بارك الله لك في أهلك ومالك دلّوني على السوق)، فما رجع حتى استفضل أقطاً وسمناً، فأتى به أهل منزله فمكثنا يسيراً أو ما شاء الله فجاء وعليه وضر من صفرة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «مهيم» قال: يا رسول الله تزوّجت امرأة من الأنصار, قال: «ما سقت إليها», قال: نواة من ذهب أو وزن نواة من ذهب قال: «أولم ولو بشاة», وأخرجه الإمام مسلم برقم ( 1427).
وأخرج البخاري في كتاب (العلم) من صحيح برقم(118) باب: (حفظ العلم), ومسلم برقم(2429) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «إن الناس يقولون أكثر أبو هريرة ولولا آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثا ثم يتلو: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى – إلى قوله - الرَّحِيمُ﴾[البقرة:160]، إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم وإن أبا هريرة كان يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشبع بطنه ويحضر ما لا يحضرون ويحفظ ما لا يحفظون».
وقال أبو جهل: «فلو غير أكار قتلني», أخرجه البخاري برقم (4020), ومسلم برقم (1800).
قال النووي: «أشار أبو جهل إلى ابني عفراء الذين قتلاه وهما من الأنصار ؛ وهم أصحاب زرع ونخيل, ومعناه لو كان الذي قتلني غير أكار لكان أحب إليّ وأعظم لشأني ولم يكن عليّ نقص في ذلك.
وقال ابن الأثير في النهاية: الأكار الزراع ؛ أراد به احتقاره وانتقاصه كيف مثله يقتل مثله». اهـ
والمقصود أَنَّ الجاهلية كانوا يتنقصون بعض أصحاب الحِرف الطيّبة كالزراعة.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين استأذن أبو موسى عليه ثلاثاً ثم انصرف, وشهد أبو سعيد رضي الله عنه أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الاستئذان ثلاث إن أذن لك وإلاّ فارجع», قال: «ألهاني الصفق بالأسواق»الحديث أخرجه البخاري برقم ( 2062) في كتاب (البيوع) من صحيحه, ومسلم برقم (2153).
وأخرج البخاري برقم(4668) في كتاب (التفسير) من صحيحه ومسلم برقم (1018) عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: «لما نزلت آية الصدقة كنا نحامل فجاء رجل فتصدق بشيء كثير فقالوا مرائي, وجاء رجل فتصدق بصاع, فقالوا: إن الله لغني عن صاع هذا فنزلت: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ﴾[التوبة:79]».
قال النووي رحمه الله: «وفي الرواية الثانية: (كنا نحامل على ظهورنا) معناه نحمل على ظهورنا بالأجرة ونتصدق من تلك الأجرة, ففيه التحريض على الإعتناء بالصدقة وأنه إذا لم يكن له مال يتوصّل إلى تحصيل ما يتصدق به من حمل بالأجرة أو غيره من الأسباب المباحة».
قال الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية:
﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾[التوبة:79]: «وهذه أيضاً من صفات المنافقين: لا يسلم أحد من عيبهم ولمزهم في جميع الأحوال، حتى ولا المتصدقون يسلمون منهم، إن جاء أحد منهم بمال جزيل قالوا: هذا مراء، وإن جاء بشيء يسير قالوا: إن الله لغني عن صدقة هذا». اهـ، وساق الحديث المذكور.
صدق ربّنا عزّ وجلّ إذا يقول: ﴿كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾[العلق:7].
لعله أطغاك الترف يا عبيد عن هذه الأدلة حتى بلغ بك الأمر أنك تتنقص أصحاب الحِرف الطيّبة, وتضاهي من قالوا: ﴿مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا * أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُورًا﴾[الفرقان:8].
هذا وفي باب أهميّة الاحتراف واكتساب الرزق الحلال أدلة عظيمة وآثار جميلة عن الإمام أحمد وغيره, وحتّى لا أطيل عليك أيّها القارئ انظر منها في كتاب "الآداب الشرعية" لابن مفلح (3/424) وما بعدها في الموضوع.
فاتق الله يا عُبيد وأحذر أن تلفحك نزعة صوفية في ترك اكتساب الرزق الطيّب وأَنَّ ذلك مخلّ بأهله !!!
واعلم أنّك قد تشبّهت بالجاهلية في عدّة أمور, انظرها في كتاب: "مسائل الجاهلية" للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تحت المسائل المرقومة:
مسألة رقم (4), ومسألة رقم(80), ومسألة رقم ( 91), ومسألة رقم(93), ومسألة رقم (101), ومسألة رقم(121). وأهمها هنا مسألة رقم( 98) لصلتها بالموضوع:
قال الإمام محمد بن عبد الوهاب النجدي رحمه الله:
«المسألة الثامنة والتسعون‏:‏ افتخارهم بصنائعهم على من دونهم في ذلك: (الافتخارُ بالصَّنائعِ، كفعل أهلِ الرّحلتينِ على أهلِ الحرثِ) ‏».‏
 الشّـرح:
«الافتخار بالصنائع، التاجر يفتخر بتجارته على الحرفي، وعلى النجار وعلى الحداد، والموظف يفتخر بوظيفته على من دونه من الموظفين‏.‏
المسلم لا يحتقر من هو دونه، بل لا يحتقر الناس عمومًا، فكيف يحتقر المسلمين لأجل حرفهم، وأنهم دون حرفته‏؟‏ هذا من أمور الجاهلية، كما ذكر الله عن قريش في الرحلتين، فالله سبحانه وتعالى أنعم على قريش بالرحلتين التجاريتين، رحلة الشتاء إلى اليمن، ورحلة الصيف إلى الشام؛ للتجارة، فهم يفتخرون على الناس بأنهم أصحاب الرحلتين، ويفتخرون على من دونهم من المزارعين وأهل الحرث‏.‏
وهذا يتناول كل من افتخر بصنعته أو وظيفته على من دونه، فالإنسان لا يستكبر‏.‏
ومن ذلك‏:‏ تنقصهم لمن حِرَفُهُم وصنائعهم ليست مثل حرف أشرافهم، كالحدادين والنجارين، وهذه خصلة لا تزال موجودة في بعض الناس‏, ومن هذا الباب‏:‏ الذين يحتقرون أئمة المساجد والمؤذنين، مع أن وظيفة الإمام هي أفضل الوظائف، وهي عمل الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك وظيفة المؤذن، فاشرف وظيفة هي وظيفة الإمام والمؤذن، فهما أشرف من عمل الوزير، وأشرف من جميع الأعمال»‏. اهـ مع شرح العلاّمة صالح الفوزان حفظه الله (ص/259 إلى ص/260)، طبعة دار العاصمة،الطبعة الأولى.
هذا ما قصدنا إيضاحه في هذه العجالة و ما عدا ذلك من سبابه وشتائمه وتكراره لما قد ردّ عليه, وعُلِمَ جهل أصحابهِ ونُشِرَ على موقعنا وغيره.
أو قوله: (أنّني مدسوس) ؛ كلّ هذه ثرثرة, لا قيمة لها وهي تثبت لك أخلاقه السوقيّة الّتي يرمي بها غيره من باب: (رمتني بدائها وأنسلت).
والحمد لله رب العالمين
 
كتبه يحيى بن علي الحجوري
في ضحى يوم الثلاثاء
6 / لذي القعدة / 1432هـ
حمل الرسالة على صيغة pdf
ويمكنك الإستماع لكلام عبيد الجابري