ﻻ
إجابة مختصرة
عن سؤال حول دخول طالب العلم في سلك العسكرة
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه.أما بعد:
فإن دخول طالب العلم في العسكرة يتضمن مخالفات تقتضي بعده عن ذلك أشد البعد.
أولاً:
إنَّ رتبة طالب العلم والداعي إلى الله تعالى أرفع من رتبة العسكرة، مهما علت؛ لأدلة في فضل طالب العلم ومنها حديث: «وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يطلب.
ثانيًا :
أن الأمة بحاجة إلى تأهيل طلاب علم شرعي ودعاة صادقين إلى الله تعالى، أكثر من حاجتهم إلى عساكر مقاتلين، ذلك لأن المزارع ، والصانع، وغيرهما من سائر المسلمين بحاجة إلى العلم وتوعية صحيحة؛ ولو حصل لهم ذلك لأدوا الغرض في تجنب الباطل والتصدي له.
ولو ذهب عسكري واحد لجاء غيره أعداد لذلك قد تجد في البلد الواحد ألوف العساكر، ولا تجد فيه عالما مبرزا.
وأيضا فإن أهل الباطل تروج فتنتهم في حال غياب الدعوة إلى الله أو ضعفها؛ فالعالم والداعي إلى الله يتصدى لها قبل رواجها.
ثالثًا:
أن العسكرة في حق طالب العلم والداعي إلى الله تعالى تعتبر من الحور بعد الكور، وقد استعاذ منه النبي ﷺ، كما في حديث عبد الله سرجس رضي الله عنه قال: «كان رسول الله ﷺ إذا سافر يتعوَّذ من وعثاء السَّفر، وكآبة المنقلب، والحور بعد الكور، ودعوة المظلوم » أخرجه مسلم (1343).
فطالب العلم إن كانت عنده حصيلة علمية فهي معرضة للضياع لانشغاله بالعسكرة، وقد قال الله تعالى: ﴿ مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ﴾ [الأحزاب:4] .
وأيضا العسكري معرض لجلساء غير مَن كان يجالسهم من قبل، فقد كان في طلبه للعلم يجالس الصالحين من السلفيين، وفي العسكرة أصناف شتى من ذوي الأفكار الذين يبلبلون فكره، وقد يسلبون عليه استقامته ويقذفون فيه الوهن عن الصلاح والإعناق في الخير.
رابعًا:
أن الطالب قد يدخل العسكرة لطلب الرزق، وقد علمتم أن العسكرة راتبها محدود، فالذي يحصل عليه العسكري عندنا في اليمن لا يكفيه للإيجار والماء والكهرباء، وقد يكون عنده أولاد وأسرة، فكيف إذا كان يأكل تلك الشجرة الخبيثة، شجرة القات، راتبه ما يكفيه حق القات، فهو يستعين على تتميم بعض حاجاته ببعض الوسائل إما بالرشوة والنصب والاحتيال والاختلاس، أو التنازل في دينه بوسائل مختلفة لتغطية احتياجاته، وفي هذه الحال يكون كما قيل:
نرقع دنيانا بتمزيق ديننا ** فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع
أما طالب العلم فإنه متحلّ بالقناعة، والله تعالى مكرم له، ورزقه أبرك من رزق غيره وإن قلّ، وعند الترمذي بإسناد صحيح عن أَنَسِ بن مَالِكٍ قال كان أَخَوَانِ على عَهْدِ النبي ﷺ فَكَانَ أَحَدُهُمَا يَأْتِي النبي ﷺ وَالْآخَرُ يَحْتَرِفُ فشكى الْمُحْتَرِفُ أَخَاهُ إلى النبي ﷺ فقال «لَعَلَّكَ تُرْزَقُ بِهِ».
خامسًا:
أنَّ العسكرة من شروطها لباس لم يلبسه رسول الله ﷺ وأصحابه، وأنظمة تعرف منها وتنكر، ناهيك عن أداء اليمين الدستورية عندنا في اليمن وما فيها من المخالفة.
سادسًا:
أن من لم يُلزم ببعض المخالفات من حلق اللحية وغيرها حالا، فقد يُلزم به مآلا، أو يمنع عنه ما تعوده من الراتب فيلجأ إلى التنازل لقصد استمرار الراتب
سابعًا:
أنه يخشى على مَن ترك طلب العلم والدعوة إلى الله تعالى وذهب إلى العسكرة، لقصد دنيا أو منصب أن يدخل تحت عموم قوله تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ﴾ [الأعراف:175 - 176].
و قال شيخنا العلامة مقبل رحمه الله:
ماذا حقق الفنادمة من الدعاة إلى الله عز وجل للإسلام، أي شيء حققوه ؟
يتسلق على ظهور المساكين الدعاة إلى الله، و إذا أصبح فندما تركهم.
و قال أيضا رحمه الله:
أول ما يباشرونه بحلق اللحية و التصوير و تنفيذ القوانين الوضعية حسب النظام
و حسب القانون و حسب التعليمات،
الذي أنصح به كل مسلم أن يبتعد عن الجيش و عن الشرطة
ما ينصر الإسلام إلا من أخلص لله عز وجل، و دعا إلى كتاب الله و __ إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم __ و أقبل على العلم النافع،
و إياك إياك أن يلبس على المفتونون بالكراسي،
الذين يزعمون أنهم من الدعاة إلى الله
كتبه أبو عبد الرحمن
يحيى بن علي الحجوري
بتاريخ: ( 6 / 5 / 1438 هجرية )
حمل المقال على ملف بي دي اف من