بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمدٍ وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين, أما بعد:
شيخنا يحيى الحجوري حفظكم الله تعالى, هذه بعض الأسئلة موجهة إليكم أثابكم الله:
السؤال الأول:
أخ سلفي من ليبيا يدرس في جامعة مختلطة ببريطانيا وله رغبةٌ شديدة في طلب العلم الشرعي ويريد أن يسافر إلى دار الحديث بدماج, لكن أهله يريدونه أن يكمل دراسته في الجامعة لأنه الولد الوحيد للأسرة ويريدونه أن يعولهم في المستقبل القريب ؛ فهل يكمل دراسته في الوقت الحالي ويجمع بعض المال لكي يسافر لطلب العلم بعد بضع سنين ، أم يسافر ملبياً رغبته في طلب العلم الشرعي بأسرع وقت ممكن ، أفتونا بارك الله فيكم؟
الجواب:
من المعلوم أنَّ بلاد الكفر بريطانيا وغير بريطانيا, الدراسة فيها مختلطة, وعرضةً لشدة الفساد, بين نساء كافرات في غاية التبرج والفتنة, فما يؤمن مع ذلك زيغ القلب وفساده, والنبيُ صلى الله عليه وسلم يقول: (( ألا وإِنَّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله, ألا وهي القلب))
وبما أنَّ الله قد جعل في قلبه الرغبة في طلب العلم وحبب علم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما يذكر, فإِنّ بالتباطؤ قد تذهب الرغبة من حين إلى آخر, جراء المعاصي التي هو واقع فيها, حتى وإِن كان يبغض ذلك, لكنَّ (( القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن)), والمخالفات الشرعية تسبب الفتنة وتعرض العبد للعذاب الأليم, قال تعالى: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور:63]
فالواجب تجنب الدراسة في المدارس الاختلاطية سواءٌ في بلاد الكفار أو في بلاد المسلمين, حفاظاً على القلب والدين وابتغاء مرضاة رب العالمين.
وهذه الأسرة الذي خلقها الله , هو الذي يرزقها, قال تعالى: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ﴾ [الذاريات:23]
فالأسرة وربها الذي يطلبون منه عولها كلهم رزقهم على الله, قال تعالى: ﴿وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [العنكبوت:60]
والذي يموت وهو واقع في المخالفة الشرعية يموت على خطأ, والذي يموت وهو طالب علم يموت على خير, والإنسان لا يدري أيُؤخر أجله إلى سنةٍ أو سنتين أو شهر أو شهرين أو أسبوع أو أسبوعين, أو لا, قال الله تعالى: ﴿ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [لقمان:34]
فالنصيحة للسائل وغيره ممن يشمله الجواب:
تجنب هذه الدراسة واستغلال رغبته الطيبة بطلب العلم الشرعي, وملازمة دعاء الله سبحانه وتعالى أن يمنَّ عليه وعلى أسرته بالرزق الحسن, علماً وعطاءً, قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا﴾ [الإسراء:20]
وقال تعالى: ﴿ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفَى بِاللهِ عَلِيمًا﴾ [النساء:70]
وليعلم أنَّ طلب العلم من أسباب رزق الله, فقد ثبت من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كَانَ أَخَوَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ أَحَدُهُمَا يَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآخَرُ يَحْتَرِفُ فشَكَا الْمُحْتَرِفُ أَخَاهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (( لَعَلَّكَ تُرْزَقُ بِهِ)).
وهذا التباطؤ عن الخير نوع من الأماني, فالإنسان لا يدري ماذا يهيأ له من العمل بعد تخرجه, ولا يدري هل يبقى له من العمر بعد تخرجه, وما يدري هل تبقى له استقامة مع هؤلاء السافرات سواء في حال دراسته أو بعد تخرجه.
والذنوب لها آثار في الدنيا والآخرة عاجلة وآجلة على سائر الأحوال.
ومن تيّسر له ما يرحل به إلى طلب العلم يفقه دين الله, ويتجنب الفتن بقدر المستطاع هذا خيرٌ له, وفي الصحيحين من حديث معاوية رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من يرد الله به خيراً يفقه في الدين)).
والدراسة في تلك المدارس حتى ولو لم يكن هناك اختلاط, دراساتٌ أسست على غير تقوى الله, دراسة دنيوية, فكثيرٌ ممن درس هناك خسر استقامته, وإِن كان على غير استقامة ازداد سوءاً.
وهذا الذي يئن منه أهل العلم, وهو جانب التغريب, والمنح الدراسية إلى بلاد الكفار, فقد كتب في ذلك أهل العلم وحذروا ونبهوا على خطورة الذهاب إلى بلاد الكفار, وإِن رجع من بلاد الكفار فقد يرجع بأفكار منحرفة, فمنهم من تلقى الرفض هناك, ومنهم من تلقى التجهم هناك, فإِنّ من مبادئ الكفار أنهم يدسون الكفر ووسائل الكفر, حتى البدع يبثونها بين أوساط طلابهم, فينشرون البدع الكبيرة العظيمة ويحببونها إليهم.
فلا يُظَنْ أنَّ الكفار دعوتهم إلى الكفر فقط, ولاحظوا دعوة التسامح ودعاة التسامح مع الكفار, لا تجدونهم يقولون نحن نريد من المسلمين أن يرتدوا عن دينهم, ولكنهم يسحبونهم إلى الكفر ببعض ما يجرهم إليه.
فسائر أنواع المخالفات الشرعية تبث هناك وتنشر وتدعم, التصوف والرفض والتحزب والعلمنة والماسونية والحداثة, كلها تبث والله في بلاد الكفار وتدرس وتروج وتنشر بين أوساط المسلمين, وكثيرٌ ممن يعود من عندهم يعود وقد عبئ بفكر خطير.
لذا قلنا وقال من قبلنا إِنه َقل من يعود بدين قويم, إن كان مستقيماً تضعف استقامته, وإن كان على غير استقامة يزداد سوء.
و منهم من يذهب من بلده المسلم إلى بلاد الكفار فيقطن في جالية المسلمين على عادتهم وتقاليدهم, ويحث بعضهم بعضاً على الخير وتوزع أشرطة ويأخذون من بعض الشبكات العلمية التي تنشر العلم, فهذا قد يتماسك شيئا ما.
فليس بعبرة وليس هو الأصل أنه يوجد من يذهب من بلاد الإسلام والتقى ببعض السلفيين واستمسك بالهدى, قد يزروهم بعض الناس كسائر من يغترب في بلاد الله الواسعة, على ما يقترفه ويعانيه وما يراه وما يسمعه من المنكرات التي ربما تجرفه عاجلاً أو آجلاً إِنّ لم يتداركه الله.
فالحال على مستويين:
سوء وأسوأ:
مستوى من يلتقي هناك بأسرته وبعض قبيلته وببعض المسلمين, وضغوط الكفار وعلى أشياء تُزري, إلا أنَّ حال من ينغمس بين أوساط الكفار في الدراسة عندهم هذا عرضة للردة وعرضة للانحراف أشد, وانظروا إلى طه حسين أين تلقى علومه, وانظروا كم ترجم الزركلي في كتابه الأعلام ممن تلقى العلوم في جامعة السربون, وعمرو خالد الزائغ الذي يقول: [ إبليس ما كفرش ] من تلاميذ بريطانيا, اليدومي من تلاميذ كاردف, والله ترى فيهم غاية الانحراف بسبب تتلمذهم هناك وبسبب الفتنة التي تحصل لهم, والتي يتربون عليها على غير استقامة, فالذين يدرسونهم نصارى أو ملاحدة.
وكما قيل:
وينشأ ناشئ الفتيان فينا *** على ما كان عوده أبوه
والطالب يتأثر بمعلمه ربما أكثر مما يتأثر بابيه وأمه.
هذا هو الجواب على هذا السؤال المهم
السؤال الثاني:
أخ سلفي وطالبُ علمٍ مستفيد أحب أن يعتكف في المسجد السلفي ببرمنجهام, والمسؤلون عن هذا المسجد هم أبو خديجة وأصحابه, ففوجئ بقولهم أنه لا يمكنه الاعتكاف في المسجد لأن عدد المعتكفين قد بلغ العدد المحدد وهو الثلاثون والمسجد كبير يسع نحو من ألف مصلي, وقالوا له أيضاً أنه كان يجب عليه أن يتصل بالمسؤلين عن المسجد قبل شهرين لكي يحجز مكاناً له ؛ فما الحكم في هذا القول وهل لهذا أصل في شريعتنا.
وجزآكم الله خيراً؟
الجواب:
هذه الترتيبات إِن كانت الآن تحصل في المكتبة السلفية ببرمنجهام, فليست ترتيبات سلفية, لا في اعتكافهم ولا في رحلاتهم, الآن صارت ترتيبات حزبين, فهذا شيءٌ واضحٌ وإِنّ غطى عليها من غطى!!!
فهذا التسجيل والتحديد للاعتكاف بأي برهان لا من قديم الزمان ولا من حديثه, ما علمناه عند أهل السنة.
ولعلهم يريدون من هذا التسجيل أن ينشروا أسمائهم عبر الشبكات ويحتاجون إلى دعم وإعانة للعاكفين, فقد نُشِرَ أَنَّ عندهم عشرات الأولاد يأخذون عليهم آلاف الدولارات!!! وهذا شأن الجمعيات وهذا شأن الامتصاص.
فعظّم الله الأجر في تلك المكتبة!!!
وبعض من يدافع عنها, الحقيقة أَنَّ الدفاع عن هذه الأخطاء وغيرها في غير موضعه, عبارة عن لملمة, وإلا فالواجب نصحهم, حتى يستقيموا وتكون استقامتهم في ميزانهم وميزان من نصحهم واقامهم على الحق فهم بحاجة إلى النصح, فتشجيعهم على هذه الأعمال يغرر بهم ويضرهم في دينهم, وهو نوع من الخيانة .
فالتغرير بهم وأنه يصلح الهجرة إلى تلك المكتبة!!!
هذا كلام في غير موضعه.
وفي هذه الآونة ظهرت عجائب مذهلة من عدم النصح والتقويم, وفيه مجاملات على حساب الدين كأن المسالة انتخابات.
والمسألة ليس انتخابات ومكاثرة, أنت أكثر أو فلان!!! المسألة دين, قال تعالى:
﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾[هود:112]
فمن تعصب معهم ضد يحيى قالوا له أنت حياك الله وأهلا وسهلا بك, لأنك مضاد ليحيى ودماج !!!
وهذا والله من العجائب التي نحن ما نبالي بها أبداً, إلا أنها تلفت الأنظار.
والخير حاصل هنا والناس سراع إليه والحمد لله, ولكن صار الناس يتعجبون من هذه الأمور والعجائب.
فالطريقة التي يسلكها بعض الناس في الدعوة السلفية الآن هي عين ما يسلكه بعض الثوريين عندنا الآن تماماً.
بعض القوّاد ذهب يحتضن القاعدة واحتضن الرافضة واحتضن الاشتراكية والبعثية والناصرية وكلهم يصبون في مصب واحد والقصد هو :
إضعاف وخلخلة الدولة كما صرحوا بذلك.
فيرتكبون العظائم والجرائم ويمكنون للباطل وأهله من رافضة وغيرهم؛ للتوصل إلى بعض مآربهم, ومع ذلك تراهم من سوء إلى أسوأ, فلا وصلوا إلى مآربهم ولا سلموا الفضيحة والذنوب.
وليس هؤلاء أحبة منهجهم واحد وسيرهم واحد وطريقتهم واحدة وقلوبهم متفقة!!!
لا, قلوبهم شتى يكادون يتهالكون على دنيا وبينهم اختلاف شديد, ويجتمعون في مخيمات واحدة والدماء قد أُرِيقت بينهم وأزهقت الأرواح.
ولكن القصد هو ذلك المبدأ, يقولون نحن اجتمعنا على مبدأ واحد.
فما ترونه من بعض الناس في الدعوة السلفية من لملمة بعض الناس هي في نظير تلك اللملمة من حيث تشابه أفعالهم, وإلا فالاختلاف في بعض المسائل حاصل بينهم, فجمعتهم هذه واتفقوا على موالاة العدني وحزبه في الظاهر, اتخذوا فتنته سلماً للمقصود.
وكل هذا يا إخوان والله فاشل بإذن الله عز وجل, و الأيام تُكشف فيها الحقائق, وهذا كله ليس له أُسس قائمة أن يوالى المخطئون والمفسدون تعصباً, ويعادى المصلحون!!!
ويظنون أن هذا يضرنا, و هذا عندنا كما يقال برد اليقين, فنحن مقبلون على العلم مقبلون على السنة, حجتنا قوية دعوتنا مرضية صافية إِنّ شاء الله من المخالفات الشرعية, فهذا يقربنا إلى الله عز وجل ونرجو ثمرته في الدنيا وفي الآخرة .
ومن خالف وليس معه حجة لا نعبأ بمخالفته كائناً من كان, فلهذا نحن نقبل على كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم نفعاً وعلماً ودعوة ودعاءً واستقامة على شرع الله ناصحين موجهين, راجين الإخاء ممن يبتغيه ممن له خير أو يرجو الخير.
ولم يصدر منا شقٌ للصف, فوالله ما يستطيع أحدٌ أن يثبت مسألة واحدة سعينا بها في ما يشق العصا بين أهل السنة لا من قديم ولا من حديث, وإنما هم ينشقون ويعادون ويتعصبون ويُعصِّبون ويَضْعفون ويضِيعُون ويُضيّعِون, ولله في خلقه حكمة.
مع أننا نأسف لضياعهم ولسنا نفرح , وإِن فرحنا, فرحنا بنصر الله وضعف الباطل, فنحن لا نود لهم هذا لا من قرب ولا من بعد, لا لصغيرٍ بادئ ولا لكبيرٍ متقدم ولا لداعي إلى الله ولا لرجلٍ ولا لامرأةٍ, فمن هدي الأنبياء دعوة الناس إلى دين الله الحق ودعوة الناس إلى الهدى والخير ولنا بهم أسوة.
وهذا الأمر نعتقده عقيدة جازمة وندعو إليه ونحب من يدعو إليه ونبغض من يضاده, ونسأل الله عز وجل أن يتوفانا على الإسلام والسنة, فوالله لو يكيلون العداء بالزنابيل أو المحبة بالزنابيل ما كان لأحد نفعٌ ولا ضررٌ ابدأً إلا أن يسير الله سبحانه وتعالى من يسيره, وحكمة الله جارية وسنة الله ماضية أنَّ من أعز دين الله أعزه, وأَنَّ من أذل دين الله وأهل دين الله الحق أذله, وهذا شيءٌ نحن مؤمنون به ومرتاحون جداً.
فنحن نشفق وربي على من خالف هذا المنهج, فمنهجنا في هذا الدار منهج ينبغي أن يُحث الناس ويرغبون فيه ويستفيدون من العلم والتعليم والدعوة, فنحن لا نعنى أننا لهم أسوة, فأسوتنا جميعاً هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وطريقة السلف الصالح, لكن جّل المجتمعات تفلّتت وضاعت وابتعدت عن كثير من أمور دينهم, فواجب أن يُحث الناس على الاستفادة من مثل هذا الخير, وينهلون منه , يقيمون عقيدتهم إقامة صحيحة على طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فالحال هنا في هذا الدار على كتاب وسنة ومنهج السلف.
ومن قال غير ذلك عنا أقسم بالله أنه كذاب أشر ليس له أثارة من علم على ما يقول.
ولا ندعي لأنفسنا العصمة, ندعى لأنفسنا القصور, ونعترف به ونعتذر إلى الله ونتوب إليه ونستغفره ونسأل الله من فضله وأن يعيننا على أنفسنا وعلى طاعته حتى نلقاه.
النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لا هجرة بعد الفتح)), أي من مكة إلى المدينة؛لأن مكة صارت بلد إسلام.
وهؤلاء أو بعضهم يرى أَنَّ المكتبة السلفية ببرمنجهام دار هجرة!!!
هذه مجازفات وغلو, لو صدرت من الإمام مالك رحمه الله, لقالوا هذا خطأ واضح, وهو إمام دار الهجرة صانه الله عن مثل هذه المبالغات، وهؤلاء غمغموا عليها ، وأمثال ذلك كثير.
مع العلم أن هذه المكتبة التي دعا الناس في أروبا للهجرة إليها بجنبها الكنيسة!!! وفتنة النساء هناك أمامها منتشرة بشدة، ، وهناك أماكن خمور بجانبها، ومع ذلك دار هجرة !!!
باطلكم مستور وخير الناس محقور ! هذا ما ينفع هي دعوة الله, وليست عضلات وفلوس.
والسباق السباق إلى نصرة هذه الدعوة.
يا إخوان من أراد أن ينصره الله يعظمها ويعزها لله عز وجل, ومن أراد أن يذله الله يسعى في إذلالها، هذا دين الله، هذا هو الواقع.
وتعجب من أناس كان لهم خير عظيم ودب فيهم الحسد فأفسدهم وضاعوا، وأبغضهم جلُّ من كان يحبهم, و ما كان يتوقع منهم هذا ولكن سلّط الله عليهم جلساء سوء فتنوهم.
وآخرون ما كانوا يُذْكرون عظموا الحق والخير ونصروا دين الله واستقاموا وعبدوا الله على بصيرة فنفعهم الله وزُكّوا وعُرِفوا وأحبهم الناس لحبهم لدين الله والحق، و لو كان الأمر موكولاً إلى سائر الناس لضاع الناس، قال تعالى: ﴿قُلْ لَوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإِنْسَانُ قَتُورًا﴾ [الإسراء:100]
وقال تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ المُلْكِ فَإِذًا لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا﴾ [النساء:53]
ولكنَّ الأمر موكول إلى رب الناس وهو الذي يقول: ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾[الشورى:27].
ويقول سبحانه:﴿يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ﴾[السجدة:5]، وما الناس إلا عبادٌ من عباده، ﴿ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ﴾ [الروم:4]
ما أحد يستطيع نكب أحد أبدا !!!
ولو اجتمع الأمة كلهم، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنه، فواجب على المسلم أن يعتقد هذا، وأنه لا يستطيع أن يضر أحداً بماله ولا برجاله ولا بشيء إلا أن يريد الله عز وجل له ذلك لحديث : (( حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون وينتفع بك آخرون)).
أما قول بعضهم: (اسقطوا فلاناً)!!!
فهذا كلام فارغ, ليس له قيمة علمية.
ينبغي للإنسان أن يتواضع لله سبحانه وتعالى
و يتذكر قوله سبحانه وتعالى: ﴿قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ المُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [آل عمران:26]
قارون كان معه من المال ما قال الله عنه : ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾ [القصص:76]
ومع ذلك سقط هو, فضلاً عن يُسقط غيره, و فرعون ادعى الربوبية وزمجر, وقال: ﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ * فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ المَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ﴾ [الزخرف:53]
و ما استطاع أن يسقط الحق وأهله, بل أسقطه عناده للحق.
فعلى العبد أن يهذب نفسه وأن يضبط كلامه بالكتاب والسنة, و إذا استقام على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم جعل الله له الود, بغير أن يجهد نفسه بما قد يضره وهو لا يشعر, قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾[مريم:96]
والفتنة قد تكون من إنسان حقير!
وتأمل قضية ابن صياد, غلام كاهن, بسببه حصل اختلاف بين الصحابة وأحاديث ذكره في صحيح الإمام مسلم معلومة.
فمعناه أنه لا يقول أنَّ هؤلاء الثّوار سواء على الدعوة أو على الدولة بضخامتهم سببوا الفتنة, فالذي يسبب الفتنة يعتبر من أشر الناس, والمصلحون هم الذين أثنى الله عليهم لا المفسدون, قال تعالى: ﴿ وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾[النحل:94]
وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ المُصْلِحِينَ﴾ [الأعراف:170]
فالذين يضيعون الناس ويفتنون عليهم هؤلاء من أسوأ الناس
لا من خيارهم, خيارهم هم الذين يصلحون ما أفسد الناس, وعندنا مثل يقول: (( خس البقر يكدر الماء)).
فهذا هو الميزان وهو الذي يجتمع به أهل الحق وتنضبط به الأدلة ويحصل به التآخي, وما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه,((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا)).
وبرز العضلات ما تنفع!!!
فلو برزت عضلاتك على امرأتك إهانةً وشتماً, تقول لك أنا ما أطيق هذا منك وتطلب الطلاق أو تخالعك.
وكل له مقداره الشرعي, قال الله عز وجل: ﴿ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾[الطلاق:3]
فالعالم له مقداره والداعي والطالب والمسلمون وسائر الناس, كل قد أنزله الله منزلته الشرعية.
ويجب التعاون على البر والتقوى واحترام المؤمن المستقيم بقدر ما عنده من الاستقامة ويجب إعانته على الخير ويجب نفعه بالأمر بالمعروف والنصح ونحو ذلك مما أوجبه الله للمسلم على أخيه, وفي الصحيح: (( من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل)).
وبالله التوفيق
سجلت هذه المادة ظهر يوم الخميس3 / شوال 1432هـ