الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ -
فتاوى

هل يجوز التجنس بجنسية دولة كافرة لغرض الاستفادة من الجنسية في السفريات وليس للاقامة بها

2016/11/14

 

 

 

فضيلة الشيخ حفظكم الله:

هل يجوز التجنس بجنسية دولة كافرة لغرض الاستفادة من الجنسية في السفريات

وليس للاقامة بها، و جزاكم الله خيرا

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، أمَّا بعد:


الجواب بارك الله فيكم:


جمهور العلماء على عدم جواز التجنس بجنسية كافرة، سدا لذريعة موالاتهم وتكثير سوادهم

والتأثر بهم، أو الكون فيهم ،لأدلة في ذلك منها:


قوله تعالى: {لا يَتَّخِذِ الْـمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْـمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إلاَّ أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: ٨٢].


وقال - تعالى -: {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْـمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا * وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إنَّكُمْ إذًا مِّثْلُهُمْ إنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْـمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: 931 - ٠٤١].


والشاهد من الآية: ((  أيبتغون عندهم العزة ))، وقوله: (( فلا تقعدوا معهم ))،

ففيه نهي عن أن يكون منهم بأي حال.


لذلك أوجب مزايلتهم فقال: {إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْـمَلائِكَةُ ظَالِـمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}.  [النساء: ٧٩]


وروى أبو داود والترمذي والحاكم وصححه من حديث سمرة بن جندب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «مَن جامع المُشرك وسَكَن معه فإنَّه مثله».


وقوله - صلى الله عليه وسلم - : «أنا بريءٌ مِن كل مسلمٍ يقيمُ بين أظْهُر المشركين، قالوا: يا رسول الله، ولِم؟ قال: «لا تراءَى نَارَاهُما».


وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:

« لا يقبل الله - عز وجل - من مشرك بعدما أسلم عملاً أو يفارق المشركين إلى المسلمين ».


وأخرج النسائي عن جرير قال: «بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم، وعلى فراق المشرك » .


وفي صحيح مسلم عن بريدة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا بعث أميراً على سرية أو جيشاً أوصاه بأمور؛ فذكرها، ومنها «ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين».


والتجنس فيهم قد يكون فيه من هذه المحاذير، إما من المتجنس أو ممن وراءه من أهله بعد موته.


والتجنُّس يلزم منه أن يحمل جنسية ذلك البلد، والتزام نظامها وقوانينها، 
ويصير المتجنس واحداً من المواطنين له ما لهم وعليه ما عليهم، وتجري عليه أحكام مِلَّتهم في الأحوال الشخصية، وعدم تدخُّله في شؤون أولاده إذا بلغوا السِّن القانونية عندهم سواء الذكور والإناث..، لـمّا كان الأمر كذلك كان طلب التجنس بجنسية الدول الكافرة محظوراً.


والأمر المذكور ليس من الضرورات التي تبيح المحظورات، وسواء هذا التجنس فيه التزام بنظامهم، أو خضوع لقوانينهم، أو لا؛ لجامع النهي عن تكثير سواد أهل الباطل.


وفيه من المفاسد:

الخوف على الأولاد من الضياع؛ فقد تكون سببا لتجنسهم بهذه الجنسية الكافرة فيضيعون؛ حتى وإن كنت غير موافق عليهم في حال حياتك فإنه لا يؤمن أن يبحثوا عنه بعد موتك.


وفيه تشبه بجنسية الكفار وقد ثبت حديث:  من تشبه بقوم فهو منهم، قال شيخ الإسلام في اقتضاء الصراط المستقيم: المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن، كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر، وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة

 

 

الاثنين 14 / صفر 1438هجرية