الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ -
الصوتيات

الدرس الحادي عشر بعد المائة: من كتابِ الصَّلاَةِ من صحيح الإمام البخاري

17-08-2020 | عدد المشاهدات 591 | عدد التنزيلات 350




 

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

 

الدرس الحادي عشر بعد المائة: من كتابِ الصَّلاَةِ من صحيح الإمام البخاري

 

أَبْوَابُ سُتْرَةِ المُصَلِّي

 

 بَابُ اسْتِقْبَالِ الرَّجُلِ صَاحِبَهُ أَوْ غَيْرَهُ فِي صَلاَتِهِ وَهُوَ يُصَلِّي، وَكَرِهَ عُثْمَانُ: «أَنْ يُسْتَقْبَلَ الرَّجُلُ وَهُوَ يُصَلِّي» وَإِنَّمَا هَذَا إِذَا اشْتَغَلَ بِهِ فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَشْتَغِلْ فَقَدْ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: «مَا بَالَيْتُ إِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَقْطَعُ صَلاَةَ الرَّجُلِ»

 

511 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ يَعْنِي ابْنَ صُبَيْحٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلاَةَ، فَقَالُوا: يَقْطَعُهَا الكَلْبُ وَالحِمَارُ وَالمَرْأَةُ، قَالَتْ: لَقَدْ جَعَلْتُمُونَا كِلاَبًا، «لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، وَإِنِّي لَبَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ، وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ عَلَى السَّرِيرِ، فَتَكُونُ لِي الحَاجَةُ، فَأَكْرَهُ أَنْ أَسْتَقْبِلَهُ، فَأَنْسَلُّ انْسِلاَلًا» وَعَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ

الشرح:

قوله: (بَابُ اسْتِقْبَالِ الرَّجُلِ صَاحِبَهُ أَوْ غَيْرَهُ فِي صَلاَتِهِ وَهُوَ يُصَلِّي) يعني: هل يكره أو لا، وهل هناك فرق فيما إذا كان الرجل يتحدث مع آخر؟ وهو يصلي إليه؛ مما يسبب له شغلٌ في صلاته، وهل هناك فرق فيما إذا كان مستقبلًا له، فإذا صلى إليه شغله بالنظر إليه.

هذا هو الصواب: أن الصلاة إلى المتحدث فيها شغلٌ وفيها تشويش على المصلي، والصلاة إلى المستقبِل مكروهة.

 وإن كان بعض هذه الآثار تعني: أنها للكراهة، لاسيما الحديث، وكذا النار، وكذا المرأة الأجنبية.

قال: [وَكَرِهَ عُثْمَانُ: «أَنْ يُسْتَقْبَلَ الرَّجُلُ وَهُوَ يُصَلِّي»]

قال الحافظ رحمه الله: [وَإِلَى هَذَا التَّفْصِيلِ جَنَحَ الْمُصَنِّفُ وَجَمَعَ بَيْنَ مَا ظَاهِرُهُ الِاخْتِلَافُ مِنَ الْأَثَرَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا عَنْ عُثْمَانَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَلَمْ أَرَهُ عَنْ عُثْمَانَ إِلَى الْآنَ، وَإِنَّمَا رَأَيْتُهُ فِي مصنفي عبد الرَّزَّاق وابن أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِمَا مِنْ طَرِيقِ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ زَجَرَ عَنْ ذَلِكَ، وَفِيهِمَا أَيْضًا عَنْ عُثْمَانَ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ، فَلْيُتَأَمَّلْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِيمَا وَقَعَ فِي الْأَصْلِ تَصْحِيفٌ مَنْ عُمَرَ إِلَى عُثْمَانَ] ليس ببعيد؛ لأن الأحرف متقاربة.

فقوله: [وَكَرِهَ عُثْمَانُ: «أَنْ يُسْتَقْبَلَ الرَّجُلُ وَهُوَ يُصَلِّي»]

البخاري: يخصص ما إذا ألهاه وشغله.

فالصلاة إلى مثل هذا الحال مكروهة لحصول الانشغال، ولو صلى خلفه وهو مستدبر، يكون إلى جهة ظهره لا مانع، فقد وقف عثمان خلف عبد الله بن عمر فاستفتح القرآن فقرأ القرآن في ركعة، كذا ثبت عنه أنه فعل ذلك خلف المقام.

قوله: [وَإِنَّمَا هَذَا إِذَا اشْتَغَلَ بِهِ] أي: حصل منه تشويش أو انشغال في صلاته.

قال: [فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَشْتَغِلْ فَقَدْ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: «مَا بَالَيْتُ إِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَقْطَعُ صَلاَةَ الرَّجُلِ»].

البخاري اختار هذا القول، أنه لا يستقبل وجهه إذا انشغل به، أو خشي أن ينشغل به، أو إلى متحدثين يشغلونه، أما إذا لم يحصل من وراء ذلك انشغالٌ فلا يبالي، بل يصلى إليه وإن كان مستقبله؛ لأنه لا يقطع صلاته، والكراهية ليست للقطع، إنما الكراهية للتشويش.

قلنا: النظر إليه فيه شيء من التشويش، فالأولى اجتناب ذلك.

قال: [حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ] كوفي ثقة.

قوله: (عَنْ مُسْلِمٍ يَعْنِي ابْنَ صُبَيْحٍ) : أبو الضحى.

قوله: (أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلاَةَ، فَقَالُوا: يَقْطَعُهَا الكَلْبُ وَالحِمَارُ وَالمَرْأَةُ) كما في حديث أبي ذر.

قوله: (فَتَكُونُ لِي الحَاجَةُ) أي: حاجتها أنها تقوم عن السرير.

قوله: [فَأَكْرَهُ أَنْ أَسْتَقْبِلَهُ] هذا دليل كراهية استقبال المصلي بالوجه، وكراهية صلاة المصلي إلى من هو مواجهه وبوجهه.

قوله: [فَأَنْسَلُّ انْسِلاَلًا]. وهذا يفيد أن هذا التأديب النبوي كان معلومًا عندهم، أنه لا يصلي المصلي إلى من يستقبله بوجهه، أمَّا إذا كانوا بعيدين عنه فلا مانع.

قوله: [وَعَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ] يعني: أنه جاء من طريق علي بن مسهر عن الأعمش عن أبي الضحى، وجاء من طريق الأعمش، عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة، تقدم بهذا السند، في بعض الأبواب التي قبل هذا.

قال الحافظ: [وَقَالَ ابن رَشِيدٍ قَصَدَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ شُغْلَ الْمُصَلِّي بِالْمَرْأَةِ إِذَا كَانَتْ فِي قِبْلَتِهِ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ كَانَتْ أَشَدُّ مِنْ شُغْلِهِ بِالرَّجُلِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ تَضُرَّ صَلَاتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُشْتَغِلٍ بِهَا، فَكَذَلِكَ لَا تَضُرُّ صَلَاةَ مَنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِهَا، وَالرَّجُلُ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى، وَاقْتَنَعَ الْكِرْمَانِيُّ: بِأَنَّ حُكْمَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَاحِدٌ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ].

. الذي اختاره البخاري في هذا الموضع كراهية الصلاة إلى المتحدث المشغل فإنها وحتى لو لم يكن مشغلًا بحديث أو قراءة أو ما يسبب خاصة إلى وجهه، فإن ذلك مكروه كما تقدم.

 

سجل هذا الدرس

 في مسجد السنة

بقرية العمود _ الجوبة _

من بلاد مراد بمأرب حفظها الله

عصر يوم الأحد  26 ذو الحجة 1441 هجرية