السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ -
الصوتيات

الدرس الخامس: من التعليق على كتاب الموقظة في علم مصطلح الحديث ( الحديث الحَسَن )

26-11-2021 | عدد المشاهدات 476 | عدد التنزيلات 355




بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

 

التعليق على كتاب الموقظة في علم مصطلح الحديث _  للحافظ الذهبي _

 

 

‌‌‌‌الدرس الخامس: من التعليق على كتاب الموقظة في علم مصطلح الحديث

 

الحديث الحَسَن

 

‌‌(2) الحَسَن

...وقد قلتُ لك: إنَّ الحسَنَ ما قَصُرَ سَنَدُه قليلاً عن رُتبة الصحيح، وسيَظهر لك بأمثلة.

ثم لا تَطمَعْ بأنَّ للحسَنِ  قاعدةً تندرجُ كلُّ الأحاديثِ الحِسانِ فيها، فأَنَا على إِياسٍ من ذلك! فَكَمْ مِن حديثٍ تردَّدَ فيه الحُفَّاظُ: هل هو حسَن؟ أو ضعيف؟ أو صحيحٌ؟ بل الحافظُ الواحدُ يتغيَّرُ اجتهادُه  في الحديث الواحد: فيوماً يَصِفُه بالصحة، ويوماً يَصِفُه بالحُسْن، وَلَرُبَّما استَضْعَفَه!

وهذا حقٌّ، فإنَّ الحديثَ الحَسَنَ يَستضعفه الحافظُ عن أن يُرَقِّيَه إلى رُتبةِ الصحيح. فبهذا الاعتبارِ فيه ضَعْفٌ مَّا، إذْ الحَسَنُ لا ينفكُّ عن ضَعْفٍ مَّا. ولو انفَكَّ عن ذلك، لصَحَّ باتفاق.

وقولُ الترمذيّ: (هذا حديثٌ حسَنٌ، صحيح) عليهِ إشكال: بأن الحَسَن قاصِرٌ عن الصحيح، ففي الجمع بين السَّمْتَيْنِ لحديثٍ واحدٍ مُجاذَبَة! وأُجيبَ عن هذا بشيء لا ينَهض أبداً، وهو أنَّ ذلك راجعٌ إلى الإسناد: فيكون قد رُوي بإسنادٍ حسن، وبإسنادٍ صحيح. وحينئذٍ لو قيل: (حسن، صحيح، لا نعرفه إلَاّ مِن هذا الوجه) ، لبَطَلَ هذا الجواب!

وحقيقةُ ذلك - أن لو كان كذلك - أن يقال: (حديث حَسنٌ وَصحيح) . فكيف العَملُ في حديثٍ يقول فيه: (حسَنٌ، صحيحُ لا نعرفه إلَاّ مِن هذا الوجه) ؟ فهذا يُبطِلُ قولَ من قال: أن يكون ذلك بإسنادين.

ويَسُوغُ أن يكون مُرادُه بالحَسَن: المعنىَ اللغويَّ لا الاصطلاحيَّ، وهو إقبالُ النفوسِ وإصغاءُ الأسماعِ إلى حُسنِ مَتْنِه، وجِزَالةِ لفظِه، وما فيه من الثوابِ والخير. فكثيرٌ مِن المتون النبوية بهذه المثابة.

قال شيخنا ابنُ وهب: فَعَلَى هذا، يَلزمُ إطلاقُ الحَسَنِ على  بعضِ الموضوعات! ولا قائلٌ بهذا. ثم قال: "فأقولُ: لا يُشتَرَطُ في الحَسَن قيدُ القُصور عن الصحيح، وإنما جاء القصورُ إذا اقتُصر على: (حديث حَسَن) . فالقصورُ يأتيه من قيدِ الاقتصار، لا من حيث حقيقتهُ وذاتهُ". ثم قال: "فللرُّواةِ صفاتٌ تقتضي قبولَ الرواية، ولتلك الصفاتِ دَرَجَاتٌ بعضُها فوقَ بعض، كالتيقُّظِ والحفظِ والإتقان. فوجودُ الدَّرَجةِ الدنيا، كالصدقِ مثلاً وعَدَمِ التُّهمة، لا ينافيه وجودُ ما هو أعلى منهُ من الإتقانِ والحفظ. فإذا وُجدتْ الدرجةُ العُلْيا، لم يُنافِ ذلك وجودُ الدنيا كالحفظ مع الصدق. فَصحَّ أن يقال: (حسَنٌ) باعتبار الدنيا، (صحيحٌ) باعتبار العُلْيا. ويَلزَمُ على ذلك أن يكون كلُّ صحيحٍ حسناً، فيُلتَزَمُ ذلك. وعليه عبارات المتقدمين، فإنهم يقولون فيما صَحَّ: (هذا حديثٌ حسن) ".

قلتُ: فأعلى مراتب الحَسَن:

- بَهْزُ بن حَكيم، عن أبيه، عن جَدِّه. و:

- عَمْرو (1) بن شُعَيب، عن أبيه، عن جَدِّه. و:

- محمد بن عَمْرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة. و - ابنُ إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التَّيْمِي. وأمثالُ ذلك.

وهو قِسمُ مُتجاذَبٌ بين الصحةِ والحُسن. فإنَّ عِدَّةً من الحُفَّاظ يُصَحِّحون هذه الطُرُقَ، وينعتونها بأنها من أدنى مراتب الصحيح.

ثم بعد ذلك، أمثلةٌ كثيرة يُتَنازَعُ فيها: بعضُهم يُحَسِّنونها، وآخَرُون يُضعِّفونها. كحديث الحارثِ بن عبد الله، وعاصم بن ضَمْرة، وحَجَّاج بن أَرْطَاة، وخُصَيْف، ودَرَّاجٍ أبي السَّمْح، وخلقٍ سِواهم

 

سجل هذا الدرس

 

ليلة الجمعة 21 ربيع الثاني 1443هجرية