السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ -
الصوتيات

التعليق على قول شيخ الإسلام: أَنَّ المراد به الصحف التي بأيدي الملائكة لوجوه عديدة:

07-02-2023 | عدد المشاهدات 339 | عدد التنزيلات 135




بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


 

التعليق على قول شيخ الإسلام: أَنَّ المراد به الصحف التي بأيدي الملائكة لوجوه عديدة:



قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في المستدرك على مجموع الفتاوى (1/ 169): ...وقال شيخنا: قول أحمد في الرجوع إلى قول التابعين عام في التفسير وغيره، وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه- يقول: الصحيح منها ما يدّل عليه اللفظ بإشارته من باب قياس الأولى، قال: والصحيح في الآية: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ أَنَّ المراد به الصحف التي بأيدي الملائكة لوجوه عديدة:

منها: أنه وصفه بأنه ﴿فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ والمكنون هو المستور عن العيون، وهذا إِنَّما هو في الصحف التي بأيدي الملائكة.

ومنها: أَنَّه قال: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ وهم الملائكة، ولو أراد المتوضئين لقال: (المتطهرين) فالملائكة مطهرون، والمؤمنون متطهرون.

ومنها: أَنَّ هذا إخبار، ولو كان نهيا لقال: لا يمسسه بالجزم، والأصل في الخبر أَنْ يكون خبرا صورةً ومعنى.

ومنها: أَنَّ هذا رد على من قال: إِنّ الشيطان جاء بهذا القرآن، فأخبر تعالى أنه: ﴿فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لا تناله الشياطين ولا وصول لها إليه، كما قال تعالى في آية الشعراء ﴿وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ، وإِنَّما تناله الأرواح المطهرة، وهم الملائكة.

ومنها: أَنَّ هذا نظير الآية التي في سورة عبس: ﴿فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ قال مالك في موطئه: أحسن ما سمعت في تفسير قوله: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ أَنَّها مثل هذه الآية التي في سورة عبس.

ومنها: أَنَّ الآية مكية من سورة مكية تتضمن تقرير التوحيد والنبوة والمعاد وإثبات الصانع والرد على الكفار، وهذا المعنى أليق بالمقصود من فرع عملي، وهو حكم مس المحدث المصحف.

ومنها: أَنَّه لو أريد به الكتاب الذي بأيدي الناس لم يكن في الإقسام على ذلك بهذا القسم العظيم كثير فائدة؛ إذ من المعلوم أَنَّ كل كلام فهو قابل لأن يكون في كتاب حقا أو باطلا؛ بخلاف ما إذا وقع القسم على أَنَّه في كتاب مصون مستور عن العيون عند الله، لا يصل إليه الشيطان، ولا ينال منه، ولا يمسه إلا الأرواح الطاهرة الزكية، فهذا المعنى أليق وأجل وأخلق بالآية وأولى بلا شك.

فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه- يقول: لكن تدل الآية بإشارتها على أَنَّه لا يمس المصحف إلا طاهر؛ لأنه إذا كانت تلك الصحف لا يمسها إلا المطهرون لكرامتها على الله؛ فهذه الصحف أولى أَنْ لا يمسها إلا طاهر.  

 

ليلة الثلاثاء 16 رجب 1444هجرية

مسجد إبراهيم _ شحوح _ سيئون