بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة قبل الشروع في التعليق على
كتاب الرياض المستطابة في صحيح وضعيف أحاديث مفاريد
الصحابة
مقدمة الرياض المستطابة في صحيح
وضعيف أحاديث مفاريد الصحابة
بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الواحد
الأحد، الإله الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، نحمده حمدًا لا
يحد، ونشكره شكرًا لا يعد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن
محمدًا عبده ورسوله.
أَمَّا بعد: فيقول ربنا
سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللهِ ثُمَّ
إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ﴾ [النحل:53]
فأحمد الله عز وجل
وأشكره على ما أنعم به عليَّ من نِعمة عظيمة وأجلها بعد نعمة الإسلام نعمة طلب
العلم الشرعي والاستمرار في ذلك، ونعمة محبة كتاب الله وسنة رسوله
صلى الله عليه وسلم ومحبة علومهما وأهلهما،
نسأل الله عز وجل على ذلك الثبات حتى الممات، هذا وإِنّ من العلوم المفيدة
والمباحث النافعة: معرفة أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم والتمتع بالمطالعة في
تراجمهم والاستفادة من صفاتهم وحسن مكارمهم رضوان الله عليهم، مما يبعث في القلوب
التعبد لله عز وجل ببالغ المحبة لهم، وبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم.
ولقد اعتنى علماؤنا
الأجلاء رحمهم الله بذكر محاسنهم وجمع أحاديثهم ومعرفة المقل منهم في الرواية من
المكثر، ومما يسر الله عز وجل لي من ذلك هو جمع ما استطعت الوصول إلى معرفته من
الصحابة الذين ليس للواحد منهم إلا حديث واحد في الكتب الستة ومسند أحمد، وكان ذلك
لغرضين:
الأول:
معرفة
تراجم هؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم، مع ترجيح القول بصحبة من اختلف في صحبته أو
عدم ذلك، بالرجوع إلى ثلاثة كتب في ذلك جامعة، وهي: ((الاستيعاب)) لابن عبد البر،
و ((أسد الغابة)) لابن الأثير، و ((الإصابة)) لابن حجرـ رحمهم الله جميعا ـ وقلّ
أَنْ يفوت هؤلاء من الصحابة أحد غالبا.
الغرض الثاني:
هو
معرفة مفاريد الصحابة، حيث أَنَّ الصحابي الذي ليس له إلا حديث واحد في الكتب
الستة أو سائر الكتب، فإذا كان بعض علمائنا رحمهم الله قد اعتنوا بما تفرد به مسلم
عن البخاري، أو بما تفرد به البخاري عن مسلم، وصنف في ذلك عدد من العلماء كابن
الملقن وغيره، فالعناية بذكر من ليس له إلا حديث واحد، أثبت في الذهن وأرغب إلى
النفس.
وقد جعلت طريقتي في هذا البحث أني أذكر
الصحابي الذي لا أعلم له إلا حديث في الكتب الستة ومسند أحمد أو في سائر الكتب،
متحريا في ذلك بيان درجة الحديث من حيث ثبوته وضعفه، كما هو المعتاد في سائر
بحوثنا بحمد الله، مستفيدا من ((تحفة الأشراف)) للحافظ المزي و ((المعجم الكبير))
للطبراني و ((الآحاد والمثاني)) لابن أبي عاصم، فإن طريقة الطبراني في الكبير
وطريقة ابن أبي عاصم في هذا الكتاب قد تكون متقاربة.
قال الطبراني في مقدمة كتابه صفحة ٥٠: هَذا الْكِتَابُ أَلَّفْنَاهُ جَامِعًا لِعَدَدِ
مَا انْتَهَى إِلَيْنَا مِمَّنْ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، عَلَى حُرُوفِ
أَلِفٍ ب ت ث، بَدَأْتُ فِيهِ بِالْعَشْرَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، لِأَنْ لَا
يَتَقَدَّمَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، خَرَّجْتُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ
حَدِيثًا وَحَدِيثَيْنِ وَثَلاثًا وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ كَثْرَةِ
رِوَايَتْهِمْ وَقِلَّتِهَا، وَمَنْ كَانَ مِنَ الْمُقِلِّينَ خَرَّجْتُ حَدِيثَهُ
أَجْمَعَ.اهـ
وهكذا صنيع ابن أبي
عاصم في كتابه هذا، فربما يذكر لبعض المكثرين حديث أو حديثين، وربما يذكر لمن من
أسمائهم عدد، فلم نره تحرى ذكر من ليس له إلا حديث أو حديثان فقط، ولا من ليس من
اسمه إلا حديث واحد أو اثنان، ولكنه ذكر جملة من الأحاديث الذين ليس لهم إلا حديث
واحد والمثاني الذين ليس لهم إلا حديثان، هذا الذي ظهر لي من صنيعه في هذا الكتاب
كما رأى ذلك محققه، وبهذا تعلم اختلاف بحثنا هذا مع كتاب ابن أبي عاصم هذا على ما
بيناه، والحمد لله.
هذا وقد أسميته: ((الرياض المستطابة في صحيح وضعيف أحاديث مفاريد الصحابة)) وقد سبقني إلى ذلك الاسم
العلامة يحيى بن أبي بكر العامري اليمني، المتوفى سنة 893 هجرية، لكن لا بأس
بتوافق الأسماء كما في ((فتح الباري)) لابن رجب ولابن حجر، ولما انتهيت من ذلك
بفضل الله جعلت ما رأيته من ضعيف المفاريد التي لم أجد لها شاهدا يصلح في جزء ملحق
تتميما للفائدة.
وأسال الله العظيم أن يجعل كل أعمالنا خالصة
لوجهه الكريم نافعة لعباده المؤمنين والحمد لله.
وكتبه/أبو عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري في ٥ رجب1423 هجرية