بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
فتاوى قبل الدرس _ ليلة الأربعاء ــ 28 ذو
القعد ة 1445 هجرية
يقول السائل:
إذا كان لا يجوز الهجرة
إلى بلاد الكفر، فلماذا
هاجر الصحابة إلى بلاد الحبشة، وكانت الحبشة بلاد كفر؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد
لله، والصلاة
والسلام على رسول الله أَمَّا بعد: لم تكن هناك بلدة للإسلام، يهاجر إليها
المسلمون، وكان هناك النصارى، النجاشي مذكور بالعدل، وقريش تعرف ذلك، ونصحهم النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ
يذهبوا إلى النجاشي، لأَنَّه لا يظلم عنده أحد كما في الرواية، فأخذوا بإرشاد النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وذهبوا
إلى ذلك الملك الذي لا يظلم عنده أحد، وفعلاً كان عادلاً، حتى إِنَّ قريشاً بعد ذلك
أرسل في إثرهم من يخبب عليهم بهدايا وشبهات، فلما سمع منهم، قال:" اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ سُيُومٌ
بِأَرْضِي - وَالسُّيُومُ: الْآمِنُونَ - مَنْ مَسَّكُمْ غَرِمَ، مَنْ مَسَّكُمْ غَرِمَ، مَنْ مَسَّكُمْ غَرِمَ، مَا أُحِبُّ
أَنَّ لِي دَبْرَ ذَهَبٍ وَأَنِّي آذَيْتُ رَجُلًا مِنْكُمْ –"، وأواهم، وبقوا عنده في خير
دار، وأقاموا دينهم، عبدوا الله، ما أحد اعترضهم، وكان من فضيلة هجرتهم إليه أَنْ
أسلم، وسبب إسلامه، دعوة جعفر رضي الله عنه حين سمع منه، وقرأ عليه القرآن، وبكى
حتى أخضبت لحيته، وبكى من معه حتى أخضبت لحاهم، وكان ذلك سبب إسلامه، وصلى عليه النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين
مات صلاة الغائب، قال: " صَلُّوا عَلَى أَخٍ لَكُمْ مَاتَ بِغَيْرِ
بِلَادِكُمْ "، وناصر النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وزوجه
أم حبيبة بنت أبي سفيان، حين مات زوجها هناك، فبقيت هناك، وزوجها النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمهرها
مهراً كبيراً، إكراماً لها و للنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومناقبه
كثيرة، وهذه عواقب العدل والخير وإيواء الصالحين، أكرمه الله بإيواء الصالحين تلك الكرامة
العظيمة الإسلام، ويرجى له الجنة، أكرمه
الله بإيواء الصالحين، وأكرمه الله بعدله، فالنجاشي عادل، هذا هو الصواب، أَنَّه
ما كان هناك بلدة تؤوي المسلمين يقيمون فيها دينهم مثل هذه، فأووا إليها وأقاموا
دينهم، أَمَّا بعد انتشار الإسلام
وبلدان الإسلام، لا يجوز الهجرة إلى بلاد الكفار، فإِنَّ
الهجرة هي الخروج من دار الكفر إلى دار الإسلام، أو من دار البدعة إلى دار
السُنَّة لإِقامة الدِّين.
يقول السائل:
إذا أحببت شخصاً لأجل سكينته
أو تواضعه أو عمله بالعلم، فهل يكون حباً في الله؟
نعم،
هذا ما هو حب للدنيا، إذا عملته وحببته في الله، للعلم، للسكينة، للتواضع، للخير
الذي عنده، هذا الحب في الله، الحب في الله أن يكون لله عز وجل، لا لدنيا، لا
لمقاصد، لا لعصبية، لا لقبلية.
يقول
السائل:
ما معنى قول الله عز وجل:﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ
نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا
كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ
إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ [الأنعام:136]
معنى
الآية:
أَنَّ المشركين جعلوا لله مما ذرأه وخلقه من الحرث، المزارع، ومن الأنعام نصيباً،
وجعلوا لآلهتهم نصيباً آخر، كأنْ يقولوا مثلاً: هذا القطيع لله من المزارع، وهذا
القطيع من الغنم، وهذا القطيع لآلهتنا، من مزارعهم، وهذا القطيع من غنمي، مثلاً
يكون للآلهة، فيجعل بعض أغنامه من مواشيه للآلهة، وبعضها لله،﴿ فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ ﴾، يعني لو أَنَّ الذئب عدى على
واحدة من حق الله، قالوا: ابدلوها من حق الشركاء، قالوا ابدلها من حق الله، الله غني،
ابدلوا الشركاء، وإذا عدى على واحدة من حق الله عز وجل، ما يبدلونها من حق الشركاء،
وكذا في المزارع إذا عُدي على ما قسموه، وجعلوه لله سبحانه وتعالى، وأُخذ منه،
وسُرِق منه، وأكلت المواشي منه ما يبدلون حق الله من حق الآلهة، وإذا عدت المواشي
أو تلف شيء من الزرع في حق الآلهة، قالوا ابدلوها من حق الله، ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ
مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ
بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ
إِلَى اللهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا
يَحْكُمُونَ﴾، قَسَمُوا
خَلْقَ اللَّهِ وَمُلْكَ اللَّهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقَه، وما عدلوا؟ ما عدلوا؟ ﴿تِلْكَ
إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى﴾ [النجم:22]، وهذه
الآية تدل على تعظيم المشركين لآلهتهم وخوفهم من الآلهة أكثر من الله، فلما كانوا يعظمون
الآلهة ويخافون منها أكثر، إذا أُخذ من ما كان جعلوه لله عز وجل، يقول: هذا
المزارع لله، هذا الأنعام لله، إذا أُخذ من آلهتهم شيء بدلواه، تبقى حق الآلهة
ثابتة كاملة، وحق ما كان لله يجعله يناقص، لعدم التعظيم، فأشركوا
مع الله غيره،
ومع هذا الشرك أيضًا؛ حُرِموا العدل، مثل صنيع المشركين" أن
جعلوا البنات لله والأبناء لهم"، قال ﴿تِلْكَ
إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى﴾ [النجم:22].
يقول
السائل:
ما حكم أكل ذبيحة تارك الصلاة، وكيف
إذا سمى الله عند الذبح؟
تارك
الصلاة، سمى أو لم يسمي، ذبيحته لا تؤكل على القول
بكفره، وهو الصواب إنما استثني من ذبائح المشركين
والكفار، ذبائح الكتاب فقط.
يقول
السائل:
ما حكم الاحتفال عند ختم القرآن
الكريم؟ أي
عمل حفلة في البيت، وليس
احتفالاً في جمعية، أو
ما شابه ذلك، وهل
يجوز عمل حفلة للأطفال عند إتمامهم؟ حفظ بعض الأجزاء من القرآن
تحفيزاً لهم للاستكثار والاستمرار في الحفظ.
لا
تعودهم للحفلات، لكن تبغى تعشي أولادك وتكرمهم إذا رأيت منهم من حفظ وأردت أن
تكرمه، أَنْ ترى أَنَّهم يكرمون بطعام، بحلوى، بلباس، بشيء مما تريد أَنْ تكرم
أولادك، أو تكرم من تحب مثلاً إحسان فقط للدفع بهم إلى الخير، ما
هناك مانع، لكن
حفلات ما يحتاج، والتشجيع، تشجيع الأولاد، أنت حفظت القرآن، أنا أكرمك،
وأعشيك، وأكرمك وأكسيك، وأكرمك، وأزوجك، ما فيها شيء، أمرٌ طيب،
يكرم بكل خير حافظ القرآن.
يقول
السائل:
هل يشترط في الاستنجاء
أَنْ يغسل القبل والدبر إِنْ خرجت النجاسة من مكان واحد؟ أم
يكتفى بغسل الموضع الذي خرجت منه النجاسة؟
إذا
أزال النجاسة كفى، لأن غسل القبل والدبر ـ السبيلين ـ ، ليس من شؤون الوضوء، ما له
دخل في الوضوء، إِنَّما الشأن هو أَنْ يصلي طاهراً، يزيل النجاسة ويصلي طاهراً،
وإذا أزال النجاسة الخارجة، وتوضأ، صلى على طهارة.
ليلة الأربعاء 28 ذو القعدة 1445هجرية
مسجد إبراهيم __ شحوح __ سيئون