بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
الدرس الأول: من
كتاب عقيدة السلف أصحاب الحديث
بسم الله الرحمن الرحيم
أخبرنا قاضي القضاة بدمشق نظام الدين عمر بن إبراهيم بن محمد
بن مفلح الصالحي الحنبلي إجازة مشافهة قال: أخبرنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن
عبد الله بن أحمد بن المحب المقدسي إجازة إن لم يكن سماعا قال: أخبرنا الشيخان
جمال الدين عبد الرحمن بن أحمد بن عمر بن شكر وأبو عبد الله بن محمد بن المحب عبد
الله بن أحمد بن محمد المقدسيين، قال الأول: أخبرنا إسماعيل بن أحمد بن الحسين بن
محمد العراقي سماعا قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن أحمد الخرقي، وقال الثاني:
أخبرنا أحمد بن عبد الدائم وأخبرنا المحدث تاج الدين محمد ابن الحافظ عماد الدين
إسماعيل بن محمد بن بغدش البعلي في كتابه، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن
إسماعيل بن الخباز شفاها قال: أخبرنا أحمد بن عبد الدائم إجازة إن لم يكن سماعا،
قال: أخبرنا الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي قال: أخبرنا
الخرقي سماعا قال: أخبرنا أبو بكر عبد الرحمن بن إسماعيل الصابوني قال: حدثنا
والدي شيخ الإسلام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن فذكره. وأخبرنا قاضي القضاة عز
الدين عبد الرحيم بن محمد بن الفرات الحنفي إجازة مشافهة قال: أخبرنا محمود بن
خليفة بن محمد بن خلف المنبجي إجازة قال: أخبرنا الجمال عبد الرحمن بن أحمد بن عمر
بن شكر بسنده قال:
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله وسلم على
محمد وآله أجمعين.
أما بعد، فإني لما وردت آمد طبرستان وبلاد جيلان متوجها إلى
بيت الله الحرام وزيارة قبر نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الكرام،
سألني إخواني في الدين أن أجمع لهم فصولا في أصول الدين التي استمسك بها الذين
مضوا من أئمة الدين وعلماء المسلمين والسلف الصالحين، وهدوا ودعوا الناس إليها في
كل حين، ونهوا عما يضادها وينافيها جملة المؤمنين المصدقين المتقين، ووالوا في
اتباعها وعادوا فيها، وبدعوا وكفروا من اعتقد غيرها، وأحرزوا لأنفسهم ولمن دعوهم
إليها بركتها وخيرها، وأفضوا إلى ما قدموه من ثواب اعتقادهم لها واستمساكهم بها
وإرشاد العباد إليها وحملهم إياهم عليها. فاستخرت الله تعالى وأثبتّ في هذا الجزء
ما تيسر منها على سبيل الاختصار، رجاء أن ينتفع به أولو الألباب والأبصار. والله
سبحانه يحقق الظن ويجزل علينا المن بالتوفيق والاستقامة على سبيل الرشد والحق بمنه
وفضله.
قلت وبالله التوفيق: إن أصحاب الحديث المتمسكين بالكتاب والسنة حفظ الله أحياءهم
ورحم أمواتهم- يشهدون لله تعالى بالوحدانية، وللرسول ﷺ بالرسالة والنبوة، ويعرفون
ربهم عز وجل بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله، أو شهد له بها رسوله ﷺ على ما وردت
الأخبار الصحاح به، ونقلته العدول الثقات عنه، ويثبتون له جل جلاله منها ما أثبته
لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله ﷺ.
ولا يعتقدون تشبيها
لصفاته بصفات خلقه، فيقولون إنه خلق آدم بيده، كما نص سبحانه عليه في قوله عز من
قائل: ﴿قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ
لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾ [ص:75] ولا يحرفون الكلم عن مواضعه بحمل اليدين على النعمتين أو
القوتين، تحريف المعتزلة الجهمية، أهلكهم الله، ولا يكيفونها بكيف أو شبهها بأيدي
المخلوقين، تشبيه المشبهة، خذلهم الله، وقد أعاذ الله تعالى أهل السنة من التحريف
والتشبيه والتكييف، ومنّ عليهم بالتعريف والتفهيم، حتى سلكوا سبل التوحيد
والتنزيه، وتركوا القول بالتعطيل والتشبيه، واتبعوا قول الله عز وجل: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ
البَصِيرُ﴾ [الشورى:11]، وكما ورد القرآن بذكر اليدين في قوله: ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ وقوله: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾ ووردت
الأخبار الصحاح عن رسول الله ﷺ بذكر اليد، كخبر محاجة موسى وآدم، وقوله له: «خلقك
الله بيده، وأسجد لك ملائكته»، ومثل قوله ﷺ: "لا أجعل صالح ذرية من خلقت
بيدي، كمن قلت له: كن فكان"، وقوله ﷺ: "خلق الله الفردوس بيده".
يوم
الخميس 12 ربيع الأول 1447 هجرية
مسجد إبراهيم _شحوح _ سيئون