بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
الدرس الثاني عشر: من التعليق
على كتاب شرف
أصحاب الحديث للخطيب البغدادي
مَنْ قَالَ: رِوَايَةُ الْحَدِيثِ أَفْضَلُ مِنَ
التَّسْبِيحِ
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ
بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَخْزُومِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
رِزْقٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ الْحَسَنُ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَا:
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
بِشْرٍ الْمَرْثَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سُفْيَانَ الْمُسْتَمْلِي،
قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ : سَمِعْتُ وَكِيعًا، يَقُولُ:
«لَوْلَا أَنَّ الْحَدِيثَ أَفْضَلُ عِنْدِي مِنَ التَّسْبِيحِ مَا حَدَّثْتُ»
مَنْ قَالَ: التَّحْدِيثُ بِمَنْزِلَةِ دَرْسِ
الْقُرْآنِ
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ
بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ،
قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي مِجْلَزٍ، وَهُوَ يُحَدِّثُنَا، قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ:
لَوْ قَرَأْتُمْ سُورَةً؟ فَقَالَ أَبُو مِجْلَزٍ: «مَا الَّذِي نَحْنُ فِيهِ
بِأَنْقَصَ إِلَيَّ مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةٍ»
مَنْ قَالَ: التَّحْدِيثُ بِمَثَابَةِ
الصَّلَاةِ
حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ
يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ الطَّيِّبِ الدَّسْكَرِيُّ مِنْ لَفْظِهِ بِحُلْوَانَ،
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُقْرِئِ، بِأَصْبَهَانَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، إِمَامُ جَامِعِ
أَصْبَهَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ عَمْرٍو بْنِ عَطَاءٍ قَالَ: كَانَ مُوسَى بْنُ يَسَارٍ مَعَنَا، يُحَدِّثُ،
فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَمْرٍو: «إِذَا أَنْتَ فَرَغْتَ مِنْ حَدِيثِكَ فَسَلِّمْ،
فَإِنَّكَ فِي صَلَاةٍ»
مَنْ قَالَ: التَّحْدِيثُ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ
النَّافِلَةِ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ
هِلَالُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ
بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ
عَلِيٍّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يُوسُفَ الْقَطَّانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ وَكِيعًا،
يَقُولُ: «لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ الصَّلَاةَ، أَفْضَلَ مِنَ الْحَدِيثِ مَا
حَدَّثْتُ»
ذَكَرَ شَيْخُنَا أَبُو
الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَنَّ عَبْدَ
اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ بُنْدَارٍ حَدَّثَهُمْ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ
اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ
أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ الْقَعْنَبِيَّ، يَقُولُ: «لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ
الصَّلَاةَ، أَفْضَلَ مِنْهُ مَا حَدَّثْتُ»
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ الْأَهْوَازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ
بْنُ سَلَامَةَ الْحِمْصِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو ثَوْبَانَ مزْدَادُ بْنُ
جَمِيلٍ الْبَهْرَانِيُّ قَالَ: سَأَلَ عُمَرُ بْنُ سُهَيْلٍ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ
الْحَدِيثِ الْمُعَافَى بْنَ عِمْرَانَ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عِمْرَانَ أَيُّ
شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ أُصَلِّي أَوْ أَكْتُبُ الْحَدِيثَ؟ فَقَالَ: «كِتَابُ
حَدِيثٍ وَاحِدٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ صَلَاةِ لَيْلَةٍ» . وَقَالَ غَيْرُهُ عَنْ
عَبْدِ الْغَافِرِ عَمْرِو بْنِ إِسْمَاعِيلَ، بَدَلَ عُمَرَ بْنِ سُهَيْلٍ كَذَا
قَالَ لَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ
أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ
سَعِيدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ الْهَرَوِيُّ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ،
بِبُوشَنْجَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ
مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ، يَقُولُ: خَرَجْتُ إِلَى أَيْلَةَ، إِلَى مُحَمَّدِ
بْنِ عَزِيزٍ الْأَيْلِيِّ، فَكَتَبَ لِي أَبِي وَأَبُو زُرْعَةَ إِلَيْهِ يَعْنِي
فِي الْوُصَاةِ فَجَعَلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيزٍ يَقْرَأُ لِي يَوْمَ الْجُمُعَةَ،
مَا صَلَّى ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَّا الْجُمُعَةَ رَكْعَتَيْنِ، وَالْعَصْرَ
أَرْبَعًا. وَكَانَ يَقْرَأُ لِي الْحَدِيثَ، عَلَى أَنَّ " قِرَاءَةَ
الْحَدِيثِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ
مَنْ قَالَ: كِتَابَةُ الْحَدِيثِ أَفْضَلُ مِنْ
صَوْمِ التَّطَوُّعِ
أَخْبَرَنِي عَبْدُ
الْغَفَّارِ بْنُ أَبِي الطَّيِّبِ الْمُؤَدِّبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي
الثَّلْجِ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي، قَالَ : سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ،
قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ: الرَّجُلُ
يَكْتُبُ الْحَدِيثَ أَوْ يَصُومُ وَيُصَلِّي؟ قَالَ: يَكْتُبُ الْحَدِيثَ.
قُلْتُ: فَمِنْ أَيْنَ فَضَّلْتَ كِتَابَ الْحَدِيثِ عَلَى الصَّوْمِ
وَالصَّلَاةِ؟ قَالَ: " لِئَلَّا يَقُولَ قَائِلٌ: إِنِّي رَأَيْتُ قَوْمًا
عَلَى شَيْءٍ فَاتَّبَعْتُهُمْ ". قَالَ الخَطِيبُ قُلْتُ: طَلَبُ الْحَدِيثِ
فِي هَذَا الزَّمَانِ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ أَنْوَاعِ التَّطَوُّعِ لِأَجَلِ
دُرُوسِ السُّنَنِ وَخُمُولِهَا، وَظُهُورِ الْبِدَعِ وَاسْتِعْلَاءِ أَهْلِهَا
وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو
طَاهِرٍ الْعَلَوِيُّ، مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ
أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى بْنِ يَحْيَى بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ
بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِالرِّيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ الْبَزَّازُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ يَمَانٍ، يَقُولُ: " مَا كَانَ طَلَبُ
الْحَدِيثِ خَيْرًا مِنْهُ الْيَوْمَ ، قُلْنَا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ
إِنَّهُمْ يَطْلُبُونَهُ، وَلَيْسَ لَهُمْ نِيَّةٌ؟ قَالَ: طَلَبُهُمْ إِيَّاهُ
نِيَّةٌ "
مَنْ كَانَ يَسْتَشْفِي بِقِرَاءَةِ الْحَدِيثِ
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْفَقِيهُ، قَالَ: قَالَ لَنَا أَبُو الْحَسَنِ
الدَّارَقُطْنِيُّ، قَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ : كَانَ الرَّمَادِيُّ
إِذَا اشْتَكَى شَيْئًا قَالَ: " هَاتُوا أَصْحَابَ الْحَدِيثِ. فَإِذَا
حَضَرُوا عِنْدَهُ قَالَ: اقْرَءُوا عَلَيَّ الْحَدِيثَ "
ذِكْرُ نَهْيِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ وَبَيَانِ وَجْهِهِ وَمَعْنَاهُ
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمَالِينِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ
النَّسَائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ ح
وَحَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ، أَيْضًا، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ نَصْرٍ الْحَذَّاءُ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ ذَرِيحٍ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
يَزِيدَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادٍ أَبُو النَّضْرِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى وح أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الرَّزَّازُ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمَّادِ بْنِ إِسْحَاقَ الْقَاضِي،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ نَاجِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى
الْأَنْصَارِيُّ وَهُوَ إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ
عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
إِدْرِيسَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
بَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَإِلَى
أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَإِلَى أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، فَقَالَ: "
مَا هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي تُكْثِرُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَبَسَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى اسْتُشْهِدَ قَالَ
الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ يَرْوِ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ،
غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَمْ يُحَدِّثْ عَنِ الْكُوفِيِّينَ، إِلَّا عَنْهُ.
لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي تَحْرِيمِ النَّبِيذِ، وَلَيْسَ فِي
مُوَطَّأ مَعْنٌ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ
الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ الْوَاعِظُ، قَالَ:
أنبأنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُمَحِيُّ، بِمَكَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ
بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ،:
عَنْ قُرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: خَرَجْنَا، فَشَيَّعْنَا عُمَرَ إِلَى صِرَارٍ،
ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَالَ: " لنا: " تَدْرُونَ
لِمَ خَرَجْتُ مَعَكُمْ؟ قُلْنَا: أَرَدْتَ أَنْ تُشَيَّعَنَا وَتُكَرِّمَنَا.
قَالَ: إِنَّ مَعَ ذَاكَ لَحَاجَةٌ خَرَجْتُ لَهَا. إِنَّكُمْ تَأْتُونَ بَلْدَةً،
لِأَهْلِهَا دَوِيُّ بِالْقُرْآنِ كَدَوِيِّ النَّحْلِ. فَلَا تَصُدُّوهُمْ
بِالْأَحَادِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا
شَرِيكُكُمْ. قَالَ قُرَظَةُ: فَمَا حَدَّثْتُ بَعْدَهُ حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَالَ الشَّيْخُ: إِنْ قَالَ
قَائِلٌ: مَا وَجْهُ إِنْكَارِ عُمَرَ عَلَى الصَّحَابَةِ رِوَايَتَهُمْ عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَشْدِيدَهُ عَلَيْهِمْ فِي
ذَلِكَ؟ قِيلَ لَهُ: إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ احْتِيَاطًا لِلدَّيْنِ،
وَحُسْنَ نَظَرٍ لِلْمُسْلِمِينَ. لِأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَنْكُلُوا عَنِ
الْأَعْمَالِ وَيَتَّكِلُوا عَلَى ظَاهِرِ الْأَخْبَارِ، وَلَيْسَ حُكْمُ جَمِيعِ
الْأَحَادِيثِ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَلَا كُلُّ مَنْ سَمِعَهَا عَرَفَ فَقْهَهَا.
فَقَدْ يَرِدُ الْحَدِيثُ مُجْمَلًا، وَيُسْتَنْبَطُ مَعْنَاهُ وَتَفْسِيرُهُ مِنْ
غَيْرِهِ. فَخَشِيَ عُمَرُ أَنْ يُحْمَلَ حَدِيثٌ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ، أَوْ
يُؤْخَذَ بِظَاهِرِ لَفْظِهِ والْحُكْمُ بِخِلَافِ مَا أُخِذَ بِهِ وَنَحْوٌ مِنْ
هَذَا الْمَعْنَى الْحَدِيثُ الْآخَرُ
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْخُوَارَزْمِيُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي
الْعَبَّاسِ بْنِ حَمْدَانَ، حَدَّثَكُمُ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ
الْقَبَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ،: قَالَ
الْخُوَارَزْمِيُّ: وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلَيِّ، أَخْبَرَكَ
أَبُو يَعْلَى يَعْنِي الْمَوْصِلِيَّ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَا
حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ
الْأَوْدِيِّ، عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ لَهُ، يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ، فَقَالَ: «يَا
مُعَاذُ أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ
عَلَى اللَّهِ؟» فَقُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: " فَإِنَّ
حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ: أَنْ يَعْبُدُوهُ، وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ
شَيْئًا. وَحَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ: أَنَّ لَا يُعَذَّبَ مَنْ لَا
يُشْرِكُ بِهِ ". قُلْتُ: أَفَلَا أُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَالَ: «لَا،
فَيَتَّكِلُوا» هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ خَلَفٍ. وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ نَحْوَهُ،
غَيْرَ أَنَّ فِيهِ: قَالَ فَقَالَ عُمَرُ: أَفَلَا أُبَشِّرَ النَّاسَ؟ قَالَ:
لَا تُبَشِّرْهُمُ، فَيَتَّكِلُوا "
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ
أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ الْحَافِظُ
بِنَيْسَابُورَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ خَلَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَنَسٌ، قَالَ: ذُكِرَ لِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ لِمُعَاذٍ: «مَنْ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُشْرِكُ يَعْنِي بِهِ
شَيْئًا، دَخَلَ الْجَنَّةَ» . فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَفَلَا أُبَشِّرَ
النَّاسَ؟ قَالَ: «لَا، إِنِّي أَتَخَوَّفُ أَنْ يَتَّكِلُوا»
وَأَخْبَرَنَا الْحَسَنُ
بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: قَالَ لَنَا أَبُو عَلِيٍّ الطُّومَارِيُّ كُنَّا
عِنْدَ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى ثَعْلَبٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ:
أَيْشِ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ،
وَقَدْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَقَالَ: «هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ
الْجَنَّةِ، لَا تُخْبِرْهُمَا يَا عَلِيُّ» ؟ قَالَ: أَشْفَقَ عَلَيْهِمَا مِنَ
التَّقْصِيرِ فِي الْعَمَلِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قُلْتُ: وَكَذَلِكَ نَهَى عُمَرُ
الصَّحَابَةَ أَنْ يُكْثِرُوا رِوَايَةَ الْحَدِيثِ إِشْفَاقًا عَلَى النَّاسِ
أَنْ يَنْكُلُوا عَنِ الْعَمَلِ اتِّكَالًا عَلَى الْحَدِيثِ. وَفِي تَشْدِيدِ
عُمَرَ أَيْضًا عَلَى الصَّحَابَةِ، وَفِي رِوَايَتِهِمْ حِفْظٌ لِحَدِيثِ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَرْهِيبٌ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ
الصَّحَابَةِ أَنْ يُدْخِلَ فِي السُّنَنِ مَا لَيْسَ مِنْهَا، لِأَنَّهُ إِذَا
رَأَى الصَّحَابِيَّ الْمَقْبُولَ الْقَوْلِ، الْمَشْهُورَ بِصُحْبَةِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ تُشُدِّدَ عَلَيْهِ فِي رِوَايَتِهِ، كَانَ
هُوَ أَجْدَرُ أَنْ يَكُونَ لِلرِّوَايَةِ أَهْيَبَ، وَلِمَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ
فِي النَّفْسِ مِنْ تَحْسِينِ الْكَذِبِ أَرْهَبَ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ
عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْقُرَشِيُّ، بِأَصْبَهَانَ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى،
قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ زَيْدٍ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْيَحْصِبِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ،
عَلَى الْمِنْبَرِ، بِدِمَشْقَ، يَقُولُ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ
وَأَحَادِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا حَدِيثًا
كَانَ يُذْكَرُ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّ عُمَرَ كَانَ
يُخِيفُ النَّاسَ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» وَإِلَى الْمَعْنَى الَّذِي
ذَكَرْنَاهُ ذَهَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي طَلَبِهِ مِنْ أَبِي مُوسَى
الْأَشْعَرِيِّ أَنْ يَحْضُرَ مَعَهُ رَجُلًا يَشْهَدُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَ السَّلَامِ
أَخْبَرَنَا أَبُو
الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ
الْمُعَدِّلُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ،
قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ،
عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: سَلَّمَ عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمْ
يُؤْذِنْ لَهُ، فَرَجَعَ، فَأَرْسَلَ عُمَرُ فِي أَثَرِهِ، فَقَالَ: لِمَ
رَجَعْتَ؟ قَالَ:، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا سَلَّمَ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا، فَلَمْ يُجَبْ، فَلْيَرْجِعْ»
. فَقَالَ عُمَرُ: لَتَأْتِيَنِّي عَلَى مَا تَقُولُ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ
لَأَفْعَلَنَّ بِكَ كَذَا. غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ أَوْعَدَهُ. قَالَ: فَجَاءَنَا
أَبُو مُوسَى، مُنْتَقِعًا لَوْنُهُ، وَأَنَا فِي حَلَقَةٍ جَالِسٌ، فَقُلْنَا مَا
شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: سَلَّمْتُ عَلَى عُمَرَ، فَأَخْبَرَنَا خَبَرَهُ، فَهَلْ
سَمِعَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
هَذَا؟ قَالُوا: نَعَمْ، كُلُّنَا قَدْ سَمِعَهُ. قَالَ: فَأَرْسَلُوا مَعَهُ
رَجُلًا مِنْهُمْ حَتَّى أَتَى عُمَرَ، فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ. قَالَ الشَّيْخُ
أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ: لَمْ يَطْلُبْ عُمَرُ مِنْ أَبِي مُوسَى رَجُلًا
يَشْهَدُ مَعَهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى قَبُولَ خَبَرِ
الْوَاحِدِ الْعَدْلِ. وَكَيْفَ يَقُولُ ذِلِكَ، وَهُوَ يَقْبَلُ رِوَايَةَ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ، وَيَعْمَلُ بِهِ، وَلَمْ يَرْوِهِ غَيْرُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ الْكِلَابِيِّ
فِي تَوْرِيثِ امْرَأَةِ أَشْيَمَ الضِّبَابِيِّ، مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا. وَلَا
فَعَلَ عُمَرُ أَيْضًا ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يَتَّهِمُ أَبَا مُوسَى فِي
رِوَايَتِهِ، لَكِنْ فَعَلَهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ مِنَ
الِاحْتِيَاطِ لِحِفْظِ السُّنَنِ، وَالتَّرْهِيبِ فِي الرِّوَايَةِ وَاللَّهُ
أَعْلَمُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ
الْحَضُّ عَلَى نَشْرِ الْحَدِيثِ وَحَفْظِهِ وَالْمُذَاكَرَةِ بِهِ. وَنَحْنُ
نُورِدُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَتَيَسَّرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
يوم
الأربعاء 16 ربيع الآخر 1447 هجرية
مسجد إبراهيم _شحوح _ سيئون