الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ -
الصوتيات

الدلالة على موارد الخير

12-03-2009 | عدد المشاهدات 8679 | عدد التنزيلات 1273

[الدلالة على موارد الخير]

خطبة جمعة بتاريخ: (23-12-1427هـ)
(للشيخ المحدث: أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري -حفظه الله تعالى-)
================================
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
 ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران:102]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النساء:1]،﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾[الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله سلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها الناس! روى مسلم في صحيحه من حديث عن أبي مسعود البدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله»، وهذا الحديث العظيم منطوقه كما تسمعون: أن من دل على خير حصل له خير، وحصل له أجرٌ، والدلالات على الخير، ودلائل الخيرات كثيرة، والله عز وجل قد أوجب علينا ذلك، أوجب على عباده أن يدلوا على الخير، وأن يدعو إلى الخير، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[آل عمران:104]، فإذا تخلى الأمة جميعاً عن هذا الأمر أثموا، وإن قام به من أوجب الله سبحانه وتعالى عليه أفلحوا، وقد قرن الله عز وجل الفلاح بالخير، فأينما وجدت الدعوة إلى الخير، والدلالة على الخير وفعل الخير وجد الفلاح، قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمُ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[الحج:77]، بفعل الخير وانتشاره في أوساط الناس يفلحون، ويصلحون، وتطيب حياتهم، ويسعدون في مماتهم، وإن أعظم الخير هو توحيد الله عز وجل، والصدق له، والإخلاص له، ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن برة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وفي قلبه وزن ذرة من خير»، وبما أن الخير هو المخرج من عذاب الله والنجاة من ذلك فإنه يجب التواصي به، والتناصح به والدلالة عليه، ومن قصر في الدلالة على الخير وفي الوصية به فقد قصر في نفعه والمسلمين، ألا وإن من أعظم موارد الخير لهو تقوى الله سبحانه وتعالى، فهو القائل في كتابه الكريم: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا[التغابن:16]، ما هي النتيجة؟ بينها الله في هذه الآية: ﴿خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ﴾[التغابن:16]، ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ[التغابن:16]، فهذا هو الخير، مورده: تقوى الله سبحانه وتعالى بقدر ما تستطيعه:﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾[البقرة:286]، والسمع والطاعة لله ولرسوله ولمن أمر الله عز وجل بالسمع والطاعة له طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم؛ وذلك خير لنفسك قبل كل إنسان ﴿خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ، ثم لا شك أن هذا العمل الذي ذكر في هذه الآيات من تقوى الله عز وجل والسمع والطاعة الذي هو خير لنفسك يحتاج منك إلى صبر حتى يتحقق الخير لك، فإن الصبر أيضاً خير لك، يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ﴾[النحل:126]، ويقول الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[الحجرات:4-5]، هذا من موارد الخير، الصبر على طاعة الله، والصبر عن معصية الله، والصبر على أقدار الله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[آل عمران:200]، ومن موارد الخير هو العمل بالطاعة، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم مبيناً أن طاعة الله وعبادة الله هي مورد عظيم للخير الدنيوي والأخروي: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[الجمعة:9]، فالخير عائد عليك يا عبد الله إذا أنت عبدت الله سبحانه وتعالى وأطعته: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[البقرة:184]، فالله عز وجل أخبر في كتابه: أن من تطوع خيراً فالخير عائد على ذلك الشخص.
أيها الناس! إن من أعظم الخير على العبد لهو التفقه في دين الله، هذا أعظم مورد للخير عليك وعلى سائر عباد الله المؤمنين، ففي الصحيحين من حديث معاوية رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من يرد الله به خيرا يفقه في الدين، وإنما أنا قاسم والله معطي، ولا تزال طائفة على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم إلى قيام الساعة»، فيجب على كل مسلم أن يدل على هذا الخير ألا وهو خير التفقه في دين الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، وهل تعلم القرآن إلا لفهم دين الله وفقهه، فلا خير إلا فيمن فقه دين الله سبحانه وتعالى: ﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾[الفرقان:44]، فالخير يتحصل في الإنسان ويتوفر في الإنسان بقدر ما يفهم به دين الله سبحانه وتعالى، وبقدر ما يذكر به ربه عز وجل: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ذكر الله»، ذكر الله وفهم دين الله والثبات على ذلك، والطاعة لله سبحانه والعفة عما في أيدي الناس: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[النور:60]، خير للمرأة أن تستعف، وخير للرجل أن يستعف، وخير لسائر الناس أن يستعفوا عن محارم الله، وأن يستعفوا عن أعراض الناس، وأن يستعفوا عن أموال الناس، وأن يصونوا أنفسهم عن ذلك، هذا هو الخير الذين بينه الله سبحانه وتعالى، هذه موارد الخير.
موارده طاعة الله عز وجل وفهم دينه، موارده الحياء، الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحياء خير كله»، وقال في رواية: «الحياء لا يأتي إلا بخير»، فإذا رأيت إنساناً عنده حياء عن اقتحام المحرمات وعنده حياء عن التكلم بالمساوئ، وعنده حياء يمنعه عن المنكرات فاعلم أن ذلك فيه مورد من موارد الخير: وهو الحياء، «الحياء خير كله، لا يأتي إلا بخير»، نعم، وقلة الحياء تأتي بالشر، «البذاذة من الإيمان والإيمان في الجنة»، «والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار»، أي: قلة الحياء وعدم الحياء من الجفاء، والجفاء في النار.
ورأى عبد الله بن عمر رجلاً يعظ أخاه في الحياء، فقال: «دعه فإن الحياء من الإيمان»، وعزا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما قل الخير في أوساط المسلمين بقلة تقواهم وبقلة حياء كثير منهم، قل الخير، التمس الخير من خزائنه أيها المسلم، هذا الخير له خزائن مبينة في الكتاب والسنة، بالإيمان بالله سبحانه وتعالى، والتماسه من يد رب العالمين سبحانه وتعالى، يقول الله في كتابه الكريم: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾[آل عمران:26]، فإذا أنت التمست الخير من يد الله صرت عفيفاً صرت عزيزاً، صرت مكرماً عند الله سبحانه وتعالى، قل من صدرك الحسد، قل من صدرك التباهي، قل من صدرك التدافع إلى الدنيا، فإنك تلتمس الخير من عند الله سبحانه«الذي يده ملأى لا يغيضها نفقة الليل والنهار»، التمس الخير من مفاتحه ومن خزائنه، إن لهذا الخير خزائن، ولتلك الخزائن مفاتيح: «فطوبى لمن كان مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر، وويل لمن كان مفتاحاً للشر مغلاقاً للخير»، خزائن الخير طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
هذه خزائن الخير في الدنيا والآخرة: ﴿وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾[الأنعام:32]، ويقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾[الضحى:4-5]، فإذا أنت التمست الخير من عند الله سبحانه وتعالى راجياً بذلك مثوبته يوم القيامة يسر لك خيري الدنيا والآخرة.
الخطبة الثانية:
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
عليك بالصدق أيها المسلم فإنه خير لك، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾[محمد:21]، لو أن العباد صدقوا مع رب العالمين لما احتاجوا إلى كثير من الذنوب التي يقترفونها من أجل أن يتحصلوا على شيء من رزقه، فإن العبد إذا صدق مع الله عز وجل صدقه الله وأعزه الله وأكرمه وكفاه، وعليك بالنية الصحيحة الصادقة فإن ذلك خير لك وهو مورد عظيم من موارد الخير، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[الأنفال:70]، فعليك بالنية الصادقة الصحيحة حتى يعلم الله سبحانه وتعالى منك ذلك، وإذا علم منك الإخلاص والعقيدة الصحيحة والنية الصافية التي ترجو بها مرضاة عز وجل فإن الله سيؤتيك خيراً وسيكرمك بالخير، وسيعطيك أفضل وأفضل مما كان في نفسك، وكم من الناس يغفر الله له ذنبه بنيته، وكم من الناس يضاعف الله له أجوراً كثيراً بينته ويؤته خيراً على تلك النية الصحيحة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم حبسهم العذر»، ما كانوا معهم بأجسامهم، ولكن كانوا معهم بنواياهم ومقاصدهم فصار لهم ذلك الخير، وأعطاهم الله عز وجل خيراً على نواياهم.
أيها الناس! اعلموا أن من يعمل مثاقيل الذر أو أدنى من ذلك من الخير فلن يكفره، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه﴾[الزلزلة:7-8]، نعم.
فعلى المسلم أن يكون مسارعاً في الخيرات: ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾[المؤمنون:57- 61]، هذا هو الصنف الذي جعل الله سبحانه وتعالى الخير على يديه، فلتكن مفتاحاً للخير، ولتكن مجرى للخير أيها المسلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم: «حين سألوه: أي المسلمين خير؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده»، ولما سألوه عن الأعمال الخيرية: «قال: أن تطعم الطعام، وتقرئ السلام على من عرفت ومن لم تعرف»، هذا وإذا كان الناس يرجون خيرك فإنك بهذه المثابة تكون عندهم بأحسن الظن، وتكون محموداً مشكوراً عند الله وعند عباده، ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خيركم من يرجى خيره»، بعد أن قال لهم: «ألا أنبئكم بخيركم من شركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: خيركم من يرجى خيره، ويؤمن شره، وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره»، فاجعل من نفسك مرجياً عند الناس خيرك مرجواً عند الناس، وشرك مؤمناً عند الناس، ولا يتحقق لك ذلك ولا يتأتى إلا أن تحقق ما أبانه الله عز وجل في كتابه وأبانه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته، من تلك الموارد التي ذكر منها آنفاً، وبالله التوفيق.